وأصيبت عيون حشم كيكاوس بالعمى، وحينما رأت سوداوه 6 بنت سمر كيكازس عرضت نفسها عليه (وقالت):" لو تقبلنى سأنجيك من هذه المحنة" فتقبلها كيكاوس، ووعد أن يأخذها معه حينما يرحل. وأتى خبرهم إلى رستم بن دستان فامتطى رستم مع اثنى عشر ألفا من الرجال المسلحين ظهور إبل البخت، ورحلوا عن سيستان، وقطعوا الفيافى والقفار، وقدموا إلى مازندران 7 التى يسمونها اليمن، وقصدوا تلك القلعة، وكان حراسها من السحرة فصنعوا السحر، فظهرت السحب، وصار هؤلاء المحبوسون كالعميان، لا يعرفون الليل من النهار؛ فأعمل رستم السيف، وقتل الكثير، واستولى على القلعة، وتحير فى أمر هؤلاء القوم الذين وجدهم عميا؛ فقالت سوداوه: ليسحقوا أكباد هؤلاء السحرة، ويضعوا دماءها فى عيونهم، ففعلوا ذلك؛ فأضيئت عيونهم، وعادوا إلى إيران. ومنح كيكاوس رستم ولاية سيستان والنيمروز وكابل وزابلستان ورخود 8، كما يكون له ما يستولى عليه من الهندوستان، وأعطاه المنشور والعهد على هذا النحو.
وكانت أمور كيكاوس تسير سيرا حسنا حتى أضله إبليس عن جادة الطريق، وأزمع قصد السماء، فصنع صندوقا، ونصحه وزراؤه وقادته فلم ينتصح.
وطار فى الهواء فى الصندوق، فسقط مهموما مغموما نادما على فعلته، ولبس خشن الثياب، ونام على خشن الفراش، ولم يضحك أبدا، ولم ينظر إلى السماء، ولم يأكل اللحم؛ وامتنع عن النساء، وبكى كثيرا على فعاله وندم عليها ندما شديدا، وكان ابنه سياوش عاقلا متأنيا ذكيا آية فى الجمال. وذات يوم راودته سوداوه عن نفسها فلم يجبها، فقالت سوداوه لكيكاوس: لقد راودنى سياوش عن نفسى، فأمر كيكاوس بقتل سياوش، فأضرموا نارا عظيمة؛ وألقى فيها سياوش، ولكنه خرج سالما، وعلى الرغم من ذلك فإن الغضب لم ينسل من قلب كيكاوس. وجاء الخبر إليه بمجى ء أفراسياب لحرب الإيرانيين، فأرسل سياوش لحربه بمشورة طوس نوذر، وحينما أتى سياوش إلى ساحة الوغى جنح أفراسياب للسلم وعقد الصلح مع سياوش، وانتهى بذلك الفساد.
وحينما سمع كيكاوس لام سياوش على ذلك وغضب عليه، فرحل سياوش غاضبا، ولجأ إلى أفراسياب، فاستقبله أفراسياب، وأكرم وفادته، وزوجه ابنته فرنگيس، ومنحه مائة فرسخ من ولايته.
وحينما استقام أمره حسده الترك على ذلك، وأشعل كرسيوز الفتنة بينه وبين أفراسياب حتى تغير قلب أفراسياب عليه، وظل كرسيوز يحرضه ويثير حفيظته ويوقع (الفتن) بينهما، حتى أحضر أفراسياب سياوش وأمر فقطعوا رقبته فى طست ذهبى، فلما وصل الخبر إلى إيران اضطربت الدنيا، وارتج قادة إيران، ودبت العداوة والبغضاء بين إيران وتوران، ولا تزال موجودة حتى الآن.
Page 58