وبنى گرگان ودهستان، ووهب لحاكم كل منها إقطاعا، وأمر أن يجلس على عرش فضى، وكتب منشورا ليكون (الملك) له ولأبنائه من بعده حتى يوم القيامة، وبنى مدينة سمدان 15 فى اليمن، ويسمونها غمدان 16، وأحاط قصورها باثنى عشر سورا، وكانت هذه القصور فوق قمة جبل تصل ظلالها إلى ثمانية عشر ميلا.
وحينما استقام أمر الملك لأفريدون قضى حق كاوه، فوضع الدرفش فى خزائنه، وقد أجلها ملوك العجم وعظموها، وكانوا يحفظونها فى خزائنهم، حتى كان عهد عمر بن الخطاب، فأخذها المسلمون، ومزقوها، ونزعوا جواهرها.
وأمر أفريدون فدعا الناس الذين خلصهم أرماييل وزير الضحاك، وأنجاهم من الموت، وكانوا أكراد الجبل الغربى من دماوند، وشكر أرماييل على هذا العطف وهذه الشفقة.
وعلم أفريدون الناس علم الطلسم، وأتى بعلم الطب، وجعل يوم مهرروز 17 من مهرماه 18 عيدا، وهو اليوم الذى أمسك فيه الضحاك وأوثق قيوده، فسر الناس وابتهجوا، وجعل أفريدون ذلك اليوم عيدا.
وأسماه عيد المهرگان، وهو الذى أتى بالفيل من الغابات وسخره، كما أطلق الحمار على الحصان فولد البغل، وهو الذى أتى بالحمام والبط من المزارع إلى المدن.
وقسم الدنيا بين أبنائه: فولى إيرج بلاد فارس والعراق والعرب، وأطلق على هذه الولاية اسم إيرانشهر يعنى بلاد إيرج. وولى سلما بلاد الروم ومصر المغرب. وولى تور الصين والترك والتبت؛ ولهذا السبب يسمونها توران. ولكن تملك الحسد تور وسلم على إيرج؛ لأن والدهم منحه إيران، فتنازعا معه. وذات يوم كانوا يتناظرون، ولم يرد إيرج على كلامهما، فضربه تور بكرسى ذهبى على رأسه، ثم أعمل كلاهما السيف فيه وقتلاه، وحملا رأسه وأرسلاها إلى أفريدون، فبكى عليه طويلا حتى كف بصره، وأعقب إيرج ابنة أنجبت له ولدا أسموه منوچهر؛ لأن أفريدون حينما احتضنه أبصرت عيناه، وقال:" مناچهر" يعنى أنه يشبه صورتى 19.
وحينما مضى خمسمائة عام على ملك أفريدون، خرج منوچهر ليثأر لإيرج.
Page 51