وقتل أرجاسپ، وأطلق سراح أختيه هماى وأوفيه 15، ورجع إلى إيران. وكان گشتاسب قد وعده إذا عاد مظفرا منصورا من التركستان أن يعطيه التاج والعرش، وأشهد بشوتن بن گشتاسب وجاماسپ على هذا، وحينما رجع إسفنديار لم يف گشتاسپ بذلك، وقال:" لقد لوى رستم العنان عن طاعة أمرنا فائتنى به طائعا مقيدا مصفدا حتى أعطيك التاج والعرش" وحينما وصل إسفنديار إلى نهر هيرمند 16 تقدم إليه رستم للخدمة وعظمه وسجد له، وقال: لقد حللت فى منزلك، وأنا عبد. وأعد مأدبة عظيمة قدمها إليه، فقال إسفنديار: أمرنى الملك إما أن تقبل الدين الجديد دين زردشت؛ أو تحاربنى؛ أو تعطينى يدك حتى أقيدك وأصفدك وأحملك إلى الملك، فيرى ما يكون الأمر. فقال رستم: لن أقبل دين زردشت؛ فأنا أعتنق هذا الدين من عهد گيومرث حتى هذا الوقت، ولن أتخذ الآن دينا آخر؛ ولا يجب إعطاء اليد لتصفد وتقيد، وأنا وأبى وجدى قد أتينا بأعداء إيران مصفدين مقيدين، وأمر سيئ أن تقيد أيدى رجل مثلى؛ وحربك أيضا لا تجوز، فأنت ابن الملك گشتاسپ من أرومة الكيانيين ولكنى سأحضر معك وأشرح عذرى أمام الملك، فإذا عفا أو أمر بشى ء آخر فالأمر له، فقال إسفنديار:
لن أرضى أبدا بغير الحرب (ونرى) لمن يكون النصر، وعلى الرغم من اعتذار رستم له فإنه لم يتراجع، وتحاربا فى اليوم التالى، فأجهد إسفنديار رستم وأتعبه، ورجع مجروحا مريضا، وفى اليوم التالى قدم رستم نافضا يديه من روحه، وتقاتلا وتبارزا، ورمى رستم سهما فى عين إسفنديار فوصل إلى دماغه فأجهز عليه فى الحال، وقفل رستم راجعا، وأوصاه إسفنديار، ومزق رستم ثيابه وهال التراب على رأسه، وقال: أيها الأمير إنك تعلم أن هذا ليس جرمى، وأنت لم تمتثل للأمر ولم تطع، وأنا اجتهدت لأنجى نفسى حتى وقع ذلك، فقال إسفنديار: هذا ما كتبته السماء، والآن يجب أن تأخذ بهمن ابنى وتربيه وتعلمه وتؤدبه، ففعل ما أوصاه به 17. وحينما وصل الخبر إلى گشتاسب نزل عن العرش وافترش الأرض وبكى بكاء مرا. وبعد مدة أرسل گشتاسب بخت نصر إلى بيت المقدس، فاستولى على الولاية، وقهر اليهود، وقتل كثيرا منهم، وبنى إسفنديار قلعة بلخ، وفى آخر عهده استدعى بهمن بن إسفنديار من سيستان، وجعله وليا لعهده، ومات گشتاسب.
بهمن بن إسفنديار بن گشتاسپ
ويدعى أردشير الطويل الباع 18، وكان أحسن ملوك العجم، وسار إلى سيستان طالبا لثأر أبيه، وقدم إليه زال، فأغلظ له القول، وطرده من عنده. وكان رستم قد مات فحارب فرامز ابنه، وكافح كثيرا، ولكنه لم يستطع أن يقبض على فرامز حتى مات فصلبه ميتا، وأمر فأمطروه وابلا من السهام. وقتل كثيرا من أهل سيستان، وخرب ديارهم، وحمل خزائن رستم وسام وكنوزهما التى كانوا قد ادخروها فى ألف عام، وبنى مدينة بهمن أردشير التى يسمونها الأبلة، كما بنى مدينة بأرض ميسان، كذلك بنى بهمن آبار التى يسمونها المنصورة فى حدود السند.
Page 62