الزيدية والصحابة
الكلام في الصحابة له اعتباران. الاعتبار الأول الكلام فيهم على الجملة، والاعتبار الثاني الكلام في أفرادهم. فأما على الجملة فلا يجوز القدح فيهم، لأن الله تعالى قد مدحهم وأثنى عليهم. وفي ذلك نجد للإمام الهادي يحيى بن الحسين
في رسالة وجهها لأهل صنعاء ما نصه: ((ولا أنتقص أحدا من الصحابة الصادقين والتابعين بإحسان، المؤمنات منهم والمؤمنين، أتولى جميع من هاجر، ومن آوى منهم ونصر، فمن سب مؤمنا عندي استحلالا فقد كفر، ومن سبه استحراما فقد ضل عندي وفسق، ولا أسب إلا من نقض العهد والعزيمة، وفي كل وقت له هزيمة، من الذين بالنفاق تفردوا، وعلى الرسول صلى الله عليه وسلم مرة بعد مرة تمردوا، وعلى أهل بيته اجترءوا وطعنوا، وإني أستغفر الله لأهمات المؤمنين اللواتي خرجن من الدنيا وهن من الدين على يقين، وأجعل لعنة الله على من تناولهن بما لا يستحققن من سائر الناس أجمعين، إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين قاموا بالدين، وكانوا في حقيقة الإيمان، واتبعوا بالطاعة والإحسان، واجب فضلهم مشهور، والطاعن عليهم مأزور، والمنتقص لهم مذموم، هالك عند الله مثبور، معذب مدحور، لمدح الله سبحانه لهم...)) إلخ كلامه. وأما الكلام على أفرادهم، فإن الزيدية ترى أن المعصية لها حكمها بقطع النظر عمن صدرت منه، وأن الله تعالى قد نبه أنبياءه {ولقد أوحي إليك وإلى الذين من قبلك}[الزمر:65]، كما نبه سيد رسله لما قال : {لقطعنا منه الوتين}[الحاقة:46]. فكذلك الأمر في الصحابة. فمن مات منهم على طاعة الله ورسوله
لقي الله مرضيا. وأما من زاغ عن الهدى، واتبع هواه، وآثر الدنيا على الآخرة، فلا كرامة له عند الله، مثله مثل غيره من الخلق. وأغلب ما يثار هذا الأمر هو لمعرفة رأي الزيدية في الخلفاء الثلاثة على وجه الخصوص، ثم رأيهم في معاوية ومن وقف معه.
Page 82