الزيدية اليوم
في الوقت الحالي ليس للزيدية وجود معتبر إلا في اليمن. وكل من بخارجها من الزيدية يعود إليها بوجه من الوجوه. وقد كان للزيدية وجود في المغرب إبان تأسيس دولة الإمام إدريس بن عبدالله، إلا أن وجودهم انتهى بانتهاء الدولة، وبعدم وجود حركة علمية بينهم تغذي وجودهم الفكري، إضافة إلى كثرة خصومهم آنذاك. كما كان لهم وجود في العراق، ولكن شيئا فشيئا اضمحلوا لغياب إمامة تجمعهم. كما كان لهم وجود في شمال إيران، في بلاد الديلم وطبرستان على بحر قزوين، ولكن مع القرن العاشر تقريبا انتهى وجودهم كما انتهى وجود أغلب الفرق مع الحركة الصفوية. كما كان لهم وجود في الهند، ولكن لا نعلم كثيرا عن هذا سوى ما أخبرنا به أحد علمائها من ذرية الإمام علي بن موسى الرضا
اسمه: مهدي رضوي. وهو موجود حاليا بألمانيا، وقد تتلمذ على يديه الدكتور محمد كالش وهو ألماني مسلم قام مع غيره بتأسيس معهد علمي لخدمة فكر أئمة أهل البيت"، واسم هذا المعهد "معهد الإمام زيد بن علي". وقد أخبرنا السيد مهدي أسماء مجموعة من علماء هذا القرن ممن كان زيدي المنهج نحو العلامة شبلي نعماني، والسيد سليمان الندوي، والشيخ أمين أحسن إصلاحي، والشيخ حميدالدين فراحي. والذي يظهر وفق ما أخبرنا به السيد مهدي أن الكثير من الأسر الزيدية هناك رأت أن الانتساب إلى مدرسة فكرية معينة يهدد الوحدة الإسلامية، ولذلك لا يتسمون زيدية، وإن كان بعضهم يحمل بعض أفكار الزيدية في التوحيد والعدل. كما كان للزيدية وجود في الحجاز وعلى وجه الخصوص في مكة وينبع، حيث كان أشرافها جميعا من الزيدية حتى أوائل القرن 14 هجري. والحديث عن الزيدية المعاصرة يتناول قضايا متعددة، وليس هذا مقامها، ولذلك فسأتجه إلى إعطاء لمحة تاريخية عن نشأتها.
Page 129