Zawj Marat Rasas
زوج امرأة الرصاص وابنته الجميلة
Genres
هذا سفر التي هي: مليكة شول
طالما لم تتزوج البنت، يا ابنتي مليكة، طالما لم تتزوج البنت فإنها ستظل قلقة إلى أن تصطاد المحب، لكنها ستظل قلقة إلى أن يخطبها، لكنها ستظل قلقة إلى أن يتزوجها، من ثم يبدأ هو مشوار القلق نيابة عنها، وهذه هي مشيئة دينق الرب الواحد الكبير، هكذا تكلمت جدتك نياندنق: إن القلق امرأة وخلق دنق الرجل حمارا لحمل القلق عنها، لجامه الحب، عصاه الأطفال، كلما كثر الأطفال كلما كثرت العصا التي تنهال على ظهره ضربا دافعة إياه على السير قدما، وعلى ظهره امرأة أو القلق! وكلاهما واحد.
هكذا كانت تعلمك جدتك العجوز نياندق وتقول لك: غدا عندما يقع شاب في شباك جمالك ويعرف قيمتك، سيحمل عنك هذا القلق الذي يحرق قلبك الآن.
ولو أن القلق الذي كنت تعانين منه لم يكن أبدا في شأن مستقبلك أو في شأن الرجل، كان قلقا ينبع من غور قصي في ذاتك، فيك أصيل، وكأنه عضو خلقه الرب فيك، قلق لا فكاك منه، ومهما قوي ظهر الرجل حمار قلقك الذي ينتظر، فإنه لا يستطيع معه صبرا أبدا.
جدتك نياندنق ذات السنوات التسعين والسن الواحدة، مات في حضنها خمسة رجال، ولا تزال حية كساق المهوقني، قوية تزأر بصوتها الجهوري فتسمع القرية من الغابة إلى النهر، من التوج إلى شجرة النمور الثلاثة، ما بعد المستنقع الكبير أباب دير، قيل إنها كلما مات أحد أزواجها احتفظت بصوته، جدتك القاسية على نفسها، عاشقة الصبايا، زهور الموز، كما تسمي صبيات الدينكا الحسناوات، ذوات السوق الطويلة الملساء، سوق الزرافات، أعناقهن الجميلة المحلاة بالعاج والودع والخرز الملون، المجلوب من بلاد نيجيريا ويوغندا وأفريقيا الوسطى، المتوارث، البنيات الراقصات الرقيقات، بأذرعهن المرسلة كأغصان أشجار المانجو، كانت تجالسهن، تحكي لهن عن الماضي الغابر الجميل، عندما كانت تتحدث الأشجار والحيوانات مع البشر، وكانت الشمس والقمر والسماء جميعا تسكن الأرض، قبل أن يطردهم الرب أو ينفيهم بعيدا في الفضاء. وكانت تسقيهم العادات والتقاليد والقيم النبيلة في كئوس من الأحاجي والقصص، وأيضا الشعر المغنى. كانت نياندنق عرابهم، فما كنت أنت مليكة شول مادنق التي أنشأتك جدتك على إيقاع حكمة السلف، وعلم الأب الأكبر دينق، تحلمين في يوم ما بحياة مثل التي تعيشينها اليوم، حياة صاخبة بجنون زوجك محمد الناصر، حيث لا ثابت! وأنت التي كنت تهيئين لأن تصبحي زوجة دينكا مثالية، لدووت منغار، تقدسينه تحترمين زوجاته الأخريات، كاحترامك لأخواتك، تنجبين له كثيرا من البنات، ذوات السيقان القوية الطويلة، بعض الأولاد، تحلبين أبقاره، تصنعين له السمن والمريسة، عرق الموز في الأعياد والمناسبات الكبيرة، عند القيلولة، تنتفين شعر عانته بالرماد، تقشرين له قصب العنكوليب، إذا آب للفراش تستجيبين لغزله، مثل دجاجة خجلة تنزلقين من بين كتفيه الكبيرتين القويتين، ثم تستسلمين له طاعة، كلك رغبة وكلك تمنع، في هدوء القرية ووداعتها، موسيقاها الاحتفالية، مهرجانات أباب دير المقدسة، بين أشجار الباباي والمهوقني والمانجو تخلفين له أجيال الدينكا القادمة، تغزلين جلابيب الفجر بأغنيات الخلود، خلود الوطن كله، لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي سفنك، عندما أتى خبر الحرب مع رياح الخريف.
قال الشيوخ من بين أسنانهم القديمة الهرمة وهم يبصقون التمباك على الأرض: دعوه، فقد لا تؤكده الأمطار.
فنمتم في فراغات الطمأنينة، تطردون الخوف مع ريحكم خارج الجسد، وعندما عاد خبر الحرب مرة أخرى محمولا على قطرات المطر، باردا ومدهشا كالصقيع، قال الشيوخ وهم يضعون مرة أخرى عجين التمباك بين شفاههم الغليظة ولثتهم الحمراء: دعوه فقد لا تؤكده الأعشاب التي ستنبت عندما ترتوي الأرض.
لكن!
ما إن رفعت الشجيرات الصغيرة وعشيبات الخريف رءوسها من صدر التراب، حتى فرقعت السماء بمدافع الهاون والراجمات، ولو أن الماجوك الكبير أكد.
لا يمكن أن ينزل الشيطان بقريتنا، فقد خصنا الرب دينق بالأمن والسلام، إلا أن الشيطان الآن يتبول على رءوسكم حمما وشظايا من الحديد والنار لا عهد لكم بها فتدهشكم ولما تفيقون من دهشتكم بعد تشردكم ولما ترجعون من تشردكم بعد، تقتلكم، وحتى الماجوك الكبير الذي بإمكانه أن يتنبأ بكل حوادث التاريخ التي سوف تحدث منذ ميلاده إلى موته، الذي تنبأ بهجرة الأفيال إلى بلاد بعيدة، وموت أسود الأبقار، وأيضا استطاع أن يعرف قبل وقت كاف من موت رث الشلك، بأن رجلا عظيما سيسقط كما يأفل النجم، فاليوم يفاجأ مفاجأة كاملة ببول الشيطان المتدفق من السماء حمما وشظايا، على مراقد أطفاله، مربط الأبقار، بول من النار ولم يدر هل يحمي أطفاله، أم يحمي أبقاره، أم يحمي نساءه، أم يحمي بنيه، أم يحمي جيرانه، أم يحمي رعيته، أم يحمي نفسه، وكيف؟
Unknown page