Zaman Fi Falsafa Wa Cilm
الزمان في الفلسفة والعلم
Genres
W. James (1842-1910) الذي جعل التعددية المتطرفة الرافضة جدا للواحدية هي هندسة بنائه الأنطولوجي، وكانت التجريبية الراديكالية أو الجذرية هي مادة هذا البناء. لقد قال جيمس ما كان يحتاج تماما إلى الصياغة المنطقية للتعددية التي نجدها في الذرية المنطقية، والغريب حقا أن جيمس، وهو عالم ذو باع كبير في الفسيولوجيا وعلم النفس، وفيلسوف من الطراز الأول، وقد اشتهر بعدائه الغريب للمنطق، حتى إنه قد قال عن برتراند رسل العظيم؛ لكونه منطقيا: تبا له من حمار!
5
وسواء أخذنا بالذرية المنطقية أو رفضناها، أو حتى رفضنا التيار التحليلي بأسره، وأيا كان الموقف من مسلمة التعددية المعاصرة وإطلاقها أو كبح جماحها، فالذي لا جدال فيه أن الجوهر الأرسطي الآن، من أية زاوية ومن أية وجهة للنظر قد انزاح تماما؛ فنستطيع إذن أن نعيد الأمور إلى نصابها، ونجعل المقولة الأولى، أو ما يتصدر أعم أجناس الوجود، ليس الجوهر، بل مقولتي الزمان والمكان.
إن الزمان والمكان هما القالب الذي صب فيه هذا الوجود جملة وتفصيلا، وانتظم بفضلهما على هيئة كوزموس
Cosmos ؛ أي: كون منتظم. والكوزموس أو الكون الذي تتعامل معه الفيزياء الحديثة هو المادة تتحرك عبر المكان خلال الزمان. والنظرية الفيزيائية العامة هي التي تحدد قوانين هذه الحركة؛ أي: حسابات الانتقال من نقطة إلى أخرى في المكان بسرعة معينة؛ أي: خلال مدة من لحظة إلى أخرى في المكان بسرعة معينة، أي: خلال مدة من لحظة إلى أخرى في الزمان. ونظرا لعمومية الفيزياء وشموليتها وتربعها على قمة نسق العلوم الإخبارية، فإن سائر أفرع العلم الأخرى - سواء الطبيعية أو الحيوية أو الإنسانية - تسلم بمسلمات الفيزياء؛ فعوالمها مجرد زوايا أكثر خصوصية في عام الفيزياء، الذي هو مادة متحركة في الزمان والمكان. ومن ثم، فإن الزمان والمكان صلب عالم العلم، أو الوجود الذي يتعامل معه العلم.
وحتى قبل نشأة العلم الحديث بقرون عدة، كانت الفلسفة قد صاغت نظريا ما هو معطى للحس المشترك، فذهبت إلى أن العالم الخارجي أو الكون كوزموس، سلسلة من الظواهر يستحيل منطقيا حدوث أيها خارج نطاق الزمان والمكان. وقديما أشار هيراقليطس إلى أنه لا وجود خارج إطارهما، حين قال: لا شيء في هذا العالم يستطيع أن يتجاوز مقاييسه، وهذه المقاييس هي الحدود المكانية والزمانية. أما الفيثاغورية فقد رأت أن «العالم قد وجد (أصلا) بفضل ما له من حدود زمانية مكانية.»
6
والخلاصة إذن أنهما إطار الوجود الذي عهدناه.
والأمر كذلك تماما على مستوى المعرفة، فهي أيضا لا تتم إلا في إطار الزمان والمكان. والمقصود بطبيعة الحال المعرفة بهذا الكون، أو على الأقل بظواهره، وهي التي تعهدت الفلسفة برؤاها ومبادئها ومسلماتها ومناهجها، حتى تسلمها العلم الحديث إبان نشأته في القرن السادس عشر وهي مهيأة لتنام وتعملق ما كان يخطر على بال.
إن الزمان والمكان كما أشار إيمانويل كانط
Unknown page