ولعمرها لو كان حبك فوقها ... يوما وقد ضحيت إذا لأظلها!
وإذا وجدت لها وساوس سلوة ... شفع الضمير إلى الفؤاد فسلها
بيضاء باكرها النعيم فصاغها ... بلطافة فأدقها وأجلها
لمّا عرضت مسلما لي حاجة ... أخشى صعوبتها وأرجو ذلها
منعت تحيتها فقلت لصاحبي ... ما كان أكثرها لنا وأقلها!
فدنا وقال لعلها معذورةٌ ... في بعض رقبتها فقلت لعلها
قال وبلغ ذلك أبا السائب المخزومي فأتاني وقال: أنشدني ما سمعت من عروة أذينة، فأنشدته إياها فلما بلغت البيت الأخير طرب وقال: والله الدائم الصبابة الصادق لا الذي يقول:
إن كان أهلك يمنعونك رغبةً ... عني فأهلي بي أضن وأرغبُ
ثم قلت: هلم الذي الطعام! فقال: والله ما كنت لأخلط بلذة هذه الأبيات طعاما إلى الليل! وأنصرف.
قلت: ووقع ما يشبه العيب الذكور في قول امرئ القيس:
أأسماء أمسى ودها قد تغيرا ... سنبدل إن أبدلت بالود آخرا
ومن نمط المحمود في استدامة الحب والصبابة قول بعضهم:
إذا ما صديق أسا مرةً ... وقد كان فيما مضى مجملا
ذكرت المقدم من فعلهِ ... فلا ينقض الآخر الأولا
وقال الآخر، وينسب للمجنون أو إبراهيم بن العباس:
تطلع من نفسي إليك نوازعٌ ... عوارف أنَّ اليأس منك نصيبها
وأزالت زوال النفس عن مستقرها ... فمن مخبري في أي أرضٍ غروبه؟
حلالٌ لليلى أن تروع فؤادهُ ... بهجرٍ ومغفورٌ لليلى ذنوبها
وقال الآخر:
ومن شغفي فيكم ووجدي أنني ... أهون ما ألقاه وهو هوانُ
ويحسن قبح الفعل إن جاء منكم ... كما طاب ريح العود وهو دخانُ