إذا المشكلات تصدّين لى ... كشفت حقائقها بالنّظر
وإن برقت فى مخيل الصوا ... ب عمياء لا تجتليها الذكر «١»
مقنعة بأمور الغيوب ... وضعت عليها صحيح الفكر
لسانا كشقشقة الأرحبىّ ... أو كالحسام اليمانى الذّكر «٢»
وقلبا إذا استنطقته العيون ... أمرّ عليها بواهى الدرر «٣»
ولست بإمّعة في الرّجال ... أسائل عن ذا وذا ما الخبر «٤»
ولكننى ذرب الأصغرين ... أبيّن مع ما مضى ما غبر «٥»
[وصف ضرار الصدائي لمعاوية عليا]
وقال معاوية ﵁ لضرار الصّدائى: يا ضرار، صف لى عليّا، فقال:
أعفنى يا أمير المؤمنين، قال: لتصفنه، فقال: أما إذ أذنت فلا بدّ من صفته:
كان والله بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا «٦»، ويحكم عدلا، يتفجّر العلم من جوانبه، وتنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا وزهرتها، ويستأنس بالليل وظلمته، كان والله غزير الدّمعة، طويل الفكرة، يقلب كفّه، ويخاطب نفسه، يعجبه من اللّباس ما قصر، ومن الطعام ما خشن، وكان فينا كأحدنا، يجيبنا إذا سألناه، وينبئنا إذا استنبأناه، ونحن- مع تقريبه إيّانا، وقربه منا- لا نكاد نكلمه لهيبته، ولا نبتدئه لعظمته، يعظم أهل الدين، ويحبّ المساكين، لا يطمع القوىّ في باطله، ولا ييأس الضعيف من عدله، وأشهد لقد رأيته في بعض مواقفه، وقد أرخى الليل سدوله، وغارت نجومه، وقد مثل في محرابه، قابضا على لحيته يتململ تململ السليم «٧»، ويبكى بكاء الحزين، ويقول: يا دنيا إليك
1 / 78