قالوا: وكان عثمان ﵁ أتقى لله أن يسعى في أمره علىّ، وعلىّ أتقى لله أن يسعى في أمر عثمان، وهذا من قوله ﵇: أشقى الناس من قتله نبى أو قتل نبيّا.
ومن كلام عثمان ﵁ وأكرم نزله، وقد تنكر له الناس: أمر هؤلاء القوم رعاع عير، تطأطأت لهم تطأطأ الدلاء وتلددت لهم تلدد المضطر، رأيتهم ألحف إخوانا، وأوهمنى الباطل لهم شيطانا. أجررت المرسون رسنه، وأبلغت الراتع مسعاته، فتفرقوا علىّ فرقا ثلاثا، فصامت صمته أنفذ من صول غيره، وشاهد أعطانى شاهده ومنعنى غائبه، ومتهافت في فتنة زيّنت في قلبه، فأنا منهم بين ألسن لداد، وقلوب شداد، عذيرى الله منهم، ألا ينهى عالم جاهلا، ولا ينذر حليم سفيها؟ والله حسبى وحسبهم يوم لا ينطقون، ولا يؤذن لهم فيعتذرون.
سئل الحكم بن هشام فقال: كان والله خيار الخيرة. أمير البررة، قتيل الفحرة، منصور النصرة، مخذول الخذلة، مقتول القتلة.
ونظير البيت الذى أنشده قول صخر الجعد:
فإن كنت مأكولا فكن أنت آكلى ... فإن منايا القوم أكرم من بعض
قال المتوكل: أتيت بأسارى، فسمعت امرأة منهم تقول:
أمير المؤمنين سما إلينا ... سموّ الليث أخرجه العريف
فإن نسلم فعون الله نرجو ... وإن نقتل فقاتلنا شريف
وقد ذكر بعض أهل العلم أنه لا يعرف لعثمان شعر، وأنشد له بعضهم:
غنى النفس يغنى النفس حتى يكفّها ... وإن عضّها حتّى يضرّ بها الفقر
وما عسرة- فاصبر لها إن تتابعت- ... بباقية إلّا سيتبعها يسر
وقول عثمان ﵁ فيما روى: «ولم يغلبك كمغلّب» من قول امرىء القيس:
1 / 76