عليه، وصلى على النبى ﷺ؛ ثم قال: يا معشر الأنصار؛ إن شئتم أن تقولوا: إنّا آويناكم في ظلالنا، وشاطرناكم في أموالنا «١»، ونصرناكم بأنفسنا لقلتم، وإنّ لكم من الفضل مالا يحصيه العدد، وإن طال به الأمد، فنحن وأنتم كما قال طفيل الغنوى «٢»:
جزى الله عنا جعفرا حين أزلفت ... بنا نعلنا في الواطئين فزلّت «٣»
أبوا أن يملّونا ولو أن أمنّا ... تلاقى الذى يلقون منّا لملّت «٤»
هم أسكنونا في ظلال بيوتهم ... ظلال بيوت أدفأت وأظلّت
فقر من كلامه ﵁: صنائع المعروف تقى مصارع السوء. الموت أهون مما بعده، وأشد مما قبله. ليست مع العزاء مصيبة، ولا مع الجزع فائدة. ثلاث من كنّ فيه كنّ عليه: البغى، والنكث، والمكر. إن الله قرن وعده بوعيده؛ ليكون العبد راغبا وراهبا.
[رثاء عائشة لأبيها]
ولما توفى ﵁ وقفت عائشة على قبره؛ فقالت: نضّر الله وجهك يا أبت، وشكر لك صالح سعيك، فلقد كنت للدنيا مذلّا بإدبارك عنها، وللآخرة معزّا بإقبالك عليها، ولئن كان أجلّ الحوادث بعد رسول الله ﷺ رزؤك، وأعظم المصائب بعده فقدك، إن كتاب الله ليعد بحسن الصبر عنك حسن العوض منك، وأنا أستنجز موعود الله تعالى بالصبر فيك، وأستقضيه بالاستغفار لك، أما لئن كانوا قاموا بأمر الدنيا فلقد قمت بأمر الدين لما وهي شعبه «٥» وتفاقم صدعه «٦»، ورجفت جوانبه «٧»؛ فعليك
1 / 71