فى جوانب السمع، لا يخلقه عوده على المستعيد «١»:
وهو المشيّع بالمسامع إن مضى ... وهو المضاعف حسنه إن كرّرا
وإن كنت قد استدركت على كثير ممن سبقنى إلى مثل ما جريت إليه، واقتصرت في هذا الكتاب عليه، لملح أوردتها كنوافث السحر «٢»؛ وفقر نظمتها كالغنى بعد الفقر، من ألفاظ أهل العصر، فى محلول النثر، ومعقود الشعر؛ وفيهم من أدركته بعمرى، أو لحقه أهل دهرى؛ ولهم من لطائف الابتداع، وتوليدات الاختراع، أبكار لم تفترعها الأسماع «٣»، يصبو إليها القلب والطّرف، ويقطر منها ماء الملاحة والظّرف، وتمتزج بأجزاء النفس، وتسترجع نافر الأنس، تخلّلت تضاعيفه، ووشّحت تأليفه، وطرّزت ديباجه، ورصّعت تاجه، ونظمت عقوده، ورقمت بروده؛ فنورها يرفّ، ونورها يشفّ، فى روض من الكلم مونق، ورونق من الحكم مشرق:
صفا ونفى عنه القذى فكانه ... إذا ما استشفّته العيون مصعّد «٤»
فهو كما قلت:
بديع نثر رقّ حتّى غدا ... يجرى مع الرّوح كما تجرى
من مذهب الوشى على وجهه ... ديباجة ليست من الشعر «٥»
كزهرة الدنيا وقد أقبلت ... ترود في رونقها النّضر «٦»
أو كالنسيم الغض غبّ الحيا ... يختال في أردية الفجر «٧»
ولعل في كثير مما تركت، ما هو أجود من قليل مما أدركت؛ إذ كان اقتصارا من كلّ على بعض، ومن فيض على برض «٨»؛ ولكنى اجتهدت في اختيار
1 / 37