الإمتاع، فيكمل منه ما يونق القلوب والأسماع «١»؛ إذ كان الخروج من جدّ إلى هزل، ومن حزن إلى سهل «٢» أنفى للكلل «٣»، وأبعد من الملل؛ وقد قال إسماعيل بن القاسم [هو أبو العتاهية] «٤»:
لا يصلح النفس إذ كانت مدابرة ... إلا التنقّل من حال إلى حال «٥»
وكان السبب الذى دعانى إلى تأليفه، وندبنى إلى تصنيفه، ما رأيته من رغبة أبى الفضل العباس بن سليمان- أطال الله مدّته، وأدام نعمته! - فى الأدب «٦»، وإنفاق عمره في الطلب وماله في الكتب؛ وأن اجتهاده في ذلك حمله على أن ارتحل إلى المشرق بسببها، وأغمض في طلبها «٧»، باذلا في ذلك ماله، مستعذبا فيه تعبه، إلى أن أورد من كلام بلغاء عصره، وفصحاء دهره، طرائف طريفة، وغرائب غريبة، وسألنى أن أجمع له من مختارها كتابا يكتفى به عن جملتها، وأضيف إلى ذلك من كلام المتقدّمين ما قار به وقارنه، وشابهه وماثله؛ فسارعت إلى مراده، وأعنته على اجتهاده، وألّفت له هذا الكتاب، ليستغنى به عن جميع كتب الآداب؛ إذ كان موشّحا من بدائع البديع «٨»، ولآلىء الميكالى، وشهىّ الخوارزمى، وغرائب الصاحب، ونفيس قابوس، وشذور أبى منصور «٩» بكلام يمتزج بأجزاء النفس لطافة، وبالهواء رقة، وبالماء عذوبة.
1 / 35