Al-Zāhir fī gharīb alfāẓ al-Shāfiʿī
الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي
Editor
مسعد عبد الحميد السعدني
Publisher
دار الطلائع
إِلَيْهِ ثُمَّ إذا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِنْهُ﴾ "١". قال: ﴿خَوَّلَهُ﴾ أعطاه ذلك تفضلا منه وكل من أعطى شيئا على غير جزاء فقد خول ويقال لخدم الرجل خوله لأنهم من عطاء الله ﷿.
قال: "والغارمون صنفان: صنف أدانوا في مصلحة معاشهم وصنف أدانوا في صلاح ذات بين".دانوا أي استدانوا يقال للذي ركبه الدين دائن ومديون وصلاح ذات البين صلاح حاله الوصل بعد المباينه والبين يكون فرقه ويكون وصلا وهو ها هنا بمعنى الوصل ومنه قوله ﷿: ﴿لَقَدْ تَقَطَّعَ بَيْنَكُمْ﴾ "٢". أي تقطع وصلكم وقولهم في الدعاء: "اللهم اصلح ذات البين" أي اصلح الحال التي بها يجتمع المسلمون.
وقال الله ﷿: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ﴾ "٣". قال الزجاج حقيقة وصلكم قال والبين الوصل وقال ثعلب أراد الحاله التي للبين ولذلك أنث فقال ذات يقال اتيته ذات ليله وكذلك اتيته ذات العشاء أي الساعه التي فيها العشاء. قال الأزهري ﵀ فيما املى ها هنا ذات تأنيث ذا وذا اشاره إلى شيء متراخ عنك وذات اشاره إلى شيء مؤنثه ثم يكنى بذات عن حقيقة الشيء وغايته وهو معنى قول المتكلمين الصفات الذاتيه وهذا على قول من يجعل بعض الصفات غير ذاتيه وهي عندنا كلها ذاتيه ليس منها شيء محدثا وقول العرب لقيته ذات العشاء أي الساعه التي فيها العشاء.
وأما حديث قبيصه بن المخارق أن النبي ﷺ قال: "حرمت المسألة الا في الثلاث رجل تحمل بحمالة ورجل أصابته جائحة فاجتاحت ماله فيسأل ورجل اصابته فاقه فشهد له ثلاثه من ذوي الحجى أن به فاقه".٤فاما تحمل الحماله فانه في الحرب تكون بين فريقين تقع فيها الدماء والجراحات فيتحملها رجل ليصلح بذلك بينهم ويحقن دماءهم فيسأل فيها حتى يؤديها والعرب تسمي الذين يتحملون الحماله الجمه واصل الحماله الكفاله والحميل الكفيل. وأما الجائحه فهي المصيبه تحل بالرجل في ماله فتجتاحه كله حتى لا يبقى له شيء فإذا كان للرجل زرع أو ثمر نخل أو كرم فاصابتها عاهه اذهبتها فهي جائحة أما أن
١ سورة الزمر، الاية٨
٢ سورة الأنعام، الاية ٩٤
٣ سورة الأنفال، الاية ١
٤ صحيح: أخراجه مسلم "١٠٤٤"، وأبو داود "١٦٤٠"، وغيرهما.
1 / 196