قال الله تعالى: لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ «١»، وقال زهير:
وما أدري وسوف إِخال أدري ... أقوم آل حصن أم نساء؟!
وإنما سموا قومًا، لأنهم يقومون بالأمور.
قوله تعالى: فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ، قال أبو علي: كان ابن كثير ونافع «٢» وعاصم «٣» وابن عامر «٤» وحمزة والكسائي «٥» يكسرون الهمزة من غير اختلاس ولا تخفيف. وروى اليزيدي وعبد الوارث «٦» عن أبي عمرو «٧»: «بارئْكم» بجزم الهمزة. روى عنه العباس بن الفضل «٨»: «بارئكم» مهموزة غير مثقلة.
وقال سيبويه «٩»: كان أبو عمرو يختلس الحركة في: «بارئكم» و«يأمركم» وما أشبه ذلك مما تتوالى فيه الحركات، فيرى من يسمعه أنه قد أسكن ولم يسكن. والبارئ: الخالق. ومعنى فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ:
ليقتل بعضكم بعضًا. قاله ابن عباس ومجاهد.
واختلفوا فيمن خوطب بهذا على ثلاثة أقوال: أحدها: أنه خطاب للكل، قاله السدي عن أشياخه. والثاني: أنه خطاب لمن لم يعبد ليقتل من عبد، قاله مقاتل. والثالث: أنه خطاب للعابدين فحسب، أمروا أن يقتل بعضهم بعضًا، قاله أبو سليمان الدمشقي. وفي الإشارة بقوله: «ذا» في:
«ذلكم» قولان: أحدها: أنه يعود إِلى القتل. والثاني: أنه يعود إلى التوراة.
(الإِشارة إِلى قصتهم في ذلك) قال ابن عباس: قالوا لموسى: كيف يقتل الآباء الأبناء، والإخوة الإخوة؟ فأنزل الله عليهم ظلمة
_________
(١) الحجرات: ١١.
(٢) هو نافع بن عبد الرحمن بن أبي نعيم القارئ، المدني، مولى بني ليث، أصله من أصبهان، وقد نسب لجده صدوق ثبت في القراءة، من كبار السابعة، توفي ١٦٩، وروى له ابن ماجة في «التفسير» .
(٣) هو عاصم بن بهدلة، وهو ابن أبي النّجود الأسدي مولاهم، الكوفي، أبو بكر المقرئ، صدوق له أوهام حجة في القراءة وحديثه في الصحيحين مقرون، من السادسة، توفي ١٢٨. انظر «التقريب» ٣٠٥٤.
(٤) هو عبد الله بن عامر بن يزيد بن تميم اليحصبيّ، الدمشقي، المقرئ، أبو عمران، وقيل غير ذلك في كنيته، ثقة، من الثالثة، توفي سنة ١١٨ وله سبع وتسعون سنة على الصحيح، روى له مسلم والترمذي. انظر «التقريب» ٣٤٠٥.
(٥) هو إمام القرّاء، أبو الحسن علي بن حمزة بن عبد الله بن بهمن بن فيروز الأسدي الكوفي، المعروف بالكسائي، النحويّ، مولى بني أسد، أحد الأئمة القرّاء. وقيل له لم سميت الكسائي قال: لأني أحرمت في كساء. توفي سنة ١٨٩ في «برنبوية» قرية من قرى الرّيّ. انظر «الأنساب» للسمعاني ٥/ ٦٦.
(٦) هو الإمام القارئ الحافظ، أبو عبيدة التنوري، عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان الغبري مولاهم، البصري، ثقة ثبت، رمي بالقدر ولم يثبت عنه، من الثامنة. توفي سنة ١٨٠ روى له الجماعة.
(٧) هو مقرئ البصرة، الإمام أبو عمرو بن العلاء بن عمّار التميمي المازني البصري أحد السبعة، قال أبو عبيدة:
كان أبو عمرو أعلم الناس بالقرآن والعربية والشعر وأيام العرب وكانت دفاتره ملء بيت إلى السقف ثم تنسك فأحرقها. وهو في النحو في الطبقة الرابعة. توفي في الكوفة سنة ١٥٤.
(٨) العباس بن الفضل، أحد القراء، توفي سنة ١٨٦.
(٩) هو عمرو بن عثمان، إمام النحو واللغة، توفي سنة ١٦١.
1 / 66