316

Zād al-masīr

زاد المسير

Editor

عبد الرزاق المهدي

Publisher

دار الكتاب العربي

Edition

الأولى

Publication Year

١٤٢٢ هـ

Publisher Location

بيروت

أكبادهم بالحزن والغيظ، وشدة العداوة، ومنه يقال: فلان قد أحرق الحزن كبده، وأحرقت العداوة كبده، والعرب تقول: العدو: أسود الكبد، قال الأعشى:
فما أُجْشِمْتُ من إِتيان قوم ... هم الأعداء والأكباد سود
كأن الأكباد لما احترقت بشدة العداوة، اسودت، ومنه يقال للعدو: كاشح، لأنه يخبأ العداوة في كشحه. والكشح: الخاصرة، وإنما يريدون الكبد. لأن الكبد هناك. قال الشاعر:
وأُضمِر أضغانًا عليَّ كشوحُها «١»
والتاء والدال متقاربتا المخرج، والعرب تدغم إحداهما في الأخرى، وتبدل إحداهما من الأخرى، كقولهم: هرت الثوب وهرده: إذا خرقه، وكذلك: كبت العدو، وكبده، ومثله كثير.
قوله تعالى: فَيَنْقَلِبُوا خائِبِينَ قال الزجاج: الخائب: الذي لم ينل ما أمَّل. وقال غيره: الفرق بين الخيبة واليأس، أن الخيبة لا تكون إلا بعد الأمل، واليأس قد يكون من غير أمل.
[سورة آل عمران (٣): آية ١٢٨]
لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ (١٢٨)
قوله تعالى: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ في سبب نزولها خمسة أقوال:
(٢٠٨) أحدها: أن النبيّ ﷺ كسرت رباعيته يوم أُحد، وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه، فقال: «كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم، وهو يدعوهم إلى ربّهم ﷿؟!» فنزلت هذه الآية. أخرجه مسلم في أفراده من حديث أنس. وهو قول ابن عباس، والحسن، وقتادة، والرّبيع.
(٢٠٩) والثاني: أن النبيّ ﷺ، لعن قومًا من المنافقين، فنزلت هذه الآية، قاله ابن عمر.
والثالث: أن النبيّ ﷺ همَّ بسب الذين انهزموا يوم أُحد، فنزلت هذه للآية، فكفَّ عن ذلك، نقل عن ابن مسعود، وابن عباس «٢» .

حديث صحيح. أخرجه مسلم ١٧٩١ وأحمد ٣/ ٢٥٣ و٢٨٨ وابن حبان ٦٥٧٥ والواحدي في «أسباب النزول» ٢٤٤ والبيهقي في «الدلائل» من طرق عن حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس.
وأخرجه الترمذي ٣٠٠٢ و٣٠٠٣ وابن ماجة ٤٠٢٧ وأحمد ٣/ ٩٩ وابن حبان ٦٥٧٤ والواحدي ٢٤٢ والبغوي ٣٦٤٢ والطبري ٧٨٠٥ و٧٨٠٦ و٧٨٠٧ من طريق حميد الطويل عن أنس.
ساقه المصنف بمعناه، وهو حديث صحيح. أخرجه البخاري ٤٠٦٩ و٤٥٥٩ و٧٣٤٦ والترمذي ٣٠٠٤ و٣٠٠٥ وأحمد ٢/ ٩٣ وأبو يعلى ٥٥٤٧ وابن خزيمة ٦٢٢ وعبد الرزاق ٤٠٢٧ وابن حبان ١٩٨٧ والنسائي في «التفسير» ٩٥ و٩٦ والبيهقي ٢/ ١٧٨ من حديث ابن عمر «أن رسول الله ﷺ كان يدعو على أربعة نفر فأنزل الله: لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظالِمُونَ فهداهم الله للإسلام. وقال الترمذي: حديث حسن غريب صحيح يستغرب من هذا الوجه من حديث نافع عن ابن عمر اه. وأخرجه الطبري ٧٨١٧ أيضا من هذا الوجه. وانظر «فتح القدير» للشوكاني ٥٥٢ بتخريجنا.

(١) هو عجز بيت للنمر بن تولب، وصدره: تنفذ منهم نافذات تسؤنني.
(٢) لم أره مسندا، ولا يصح، والصواب ما رواه الإمام مسلم وكذا البخاري.
- وذكره الماوردي في «تفسيره» ١/ ٤٢٣ (آل عمران: ١٢٨) . [.....]

1 / 323