آثار الإمام ابن القيم الجوزية وما لحقها من أعمال (٣٠)
زاد المعاد في هدي خير العباد
تأليف
الإمام أبي عبد الله محمد بن أبي بكر بن أيوب ابن قيم الجوزية
(٦٩١ هـ - ٧٥١ هـ)
دار عطاءات العلم - دار ابن حزم
المقدمة / 1
مقدمة التحقيق
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه.
وبعد، فنقدّم اليوم كتابًا طال انتظار تحقيقه ضمن المشروع المبارك «آثار الإمام ابن القيم وما لحقها من أعمال»، ليس لأنه لم يطبع سابقًا بل طبع وتعدّدت طبعاتُه، لكن لأنه لم يُخدَم على المنهج العلميّ الصحيح، ولا على الوجه الذي يستحقه، ولا على ما كان يتمنّاه القراء.
ويعتبر «زاد المعاد» أو «الهدي النبوي» أشهر كتب ابن القيّم على الإطلاق، وهو رئيس كتبه، وأكبرها حجمًا، وأكثرها انتشارًا، وألصقها بهدي النبي ﷺ وسيرته العطرة. وهو كتاب فريد في بابه، ذَكَر فيه المؤلف هدي النبي ﷺ في عباداته ومعاملاته وجميع شؤون حياته، وذَكَر مغازيه والدروس المستفادة منها، وخصَّص مجلدًا لما ورد في الطب النبوي من الأحاديث وتوسع فيه إلى غيرها، ثم توسّع في أحكام النبي وقضاياه فاستغرقت مجلدين من طبعتنا. وبهذا جمع الكتابُ كلَّ أدبٍ وعادةٍ وسيرةٍ وقضيّة كانت للنبي ﷺ في كافّة أمور الدين والدنيا، فهو بحق يعتبر موسوعة علمية متكاملة، حتى قال فيه الشيخ أبو الحسن علي النَّدوي: «يُعتبر من أهم كتب الإسلام، الذي يقوم مقام مكتبة بأسرها» (^١).
ولن نترك القارئ يتساءل طويلًا عن ميزات هذه الطبعة وما تحمله من جديد، وما تتميز به عن سابقاتها، بل سنذكر في هذا التمهيد جُمَلًا من ذلك
_________
(^١) «رجال الفكر والدعوة في الإسلام» (٢/ ٣١٥). وانظر «كتب وشخصيات» له (ص ١٥٤) حيث ذكر فيه تأثّره بهذا الكتاب في مطلع حياته.
المقدمة / 5
ونترك التفاصيل في مكانها اللائق بها من هذه المقدمة. فنلخّص ذلك في ثلاثة جوانب:
١ - طبعتنا هي الأولى التي اعتمدت على أقدم النسخ وأفضلها في مكتبات العالم، بعد أن كانت الطبعات المتداولة تعتمد على طبعات سابقة أو نسخة واحدة أو نسخ ناقصة. ولا يخفى على المهَرَة في هذا الفن أن قوام التحقيق العلمي استجلاب النسخ الخطية الجيدة والأصول القديمة، ثم التعامل معها بمهارة واحتراف، فليس كل مَن جمع النسخ يهتدي إلى التعامل الصحيح معها.
وبالاعتماد على هذه الأصول الجيدة تبيَّن ما في الطبعات السابقة من التصرّف في النصوص من إضافة أو حذف أو سقط، وما فيها من تصحيف أو تحريف، أو تغيير لما في النسخ بلا موجب، أو تغيير السياق لتوهُّمٍ في فهم النص، إلى غير ذلك مما كشفت عنه المقابلة، وستأتي مُثُلٌ من كل هذه الأخطاء في وصف طبعات الكتاب.
٢ - العناية بالنص تخريجًا لأحاديثه وآثاره، وعزوًا لمصادره، وتوثيقًا لنقوله، وضبطًا لنصوصه، وغالبُ ذلك كانت تفتقر إليه الطبعات السابقة، وإن اهتمّ بعضها كطبعة الرسالة بتخريج الأحاديث، إلا أن إعوازها كان ظاهرًا حتى في هذا الجانب.
٣ - التقديم العلمي الكاشف لحال الكتاب ومنهجه وكل ما يتعلق به، ثم الفهارس العلمية الكاشفة لعلومه وذخائره.
فاجتمع بحمد الله في هذا العمل متطلبات التحقيق العلمي على صورة حسنة مرضية.
المقدمة / 6
ولسنا نقول هذا تكثّرًا بما صنعنا أو غمطًا لجهد أحد قبلنا، فقد كان للطبعات السابقة جهد مشكور، لكن المتابعين لهذه المشروعات والمهتمين بمؤلفات الإمام ابن القيم لهم حقّ علينا في التعجيل بتوضيح ما يمتاز به العمل بحيث يعلم القارئ ما تحمله له هذه الطبعة من جديد، فيتوجّه إليها وهو مطمئنّ لما فيها من جهد وعمل.
ومع ذلك لسنا ندّعي لعملنا كمالًا متوهَّمًا ولا عصمة مزعومة، لكنا حاولنا التجويد ما استطعنا، ونرغب إلى أهل العلم وروّاد المعرفة أن يُسْدُوا جميلًا ويصنعوا حسنًا لنا وللعلم وأهله؛ إذا ما رأوا ملاحظة أو فائدة أو فَوْتًا أن لا يبخلوا به. وسُبُل التواصل اليوم لم تترك لأحدٍ عُذرًا في إيصال ما لديه بأقرب سبيل وأقل كُلفة. وبالله التوفيق.
وقد قدمنا للكتاب تقديمًا مناسبًا عرَّفنا فيه بأهم الجوانب المتعلقة بالكتاب، وقد اشتملت مباحث المقدمة على ما يلي:
- نسبة الكتاب، وعنوانه، وتاريخ تأليفه
- بناء الكتاب وموضوعاته
- غرض المؤلف من تأليفه ومنهجه فيه
- أهم موارد المؤلف في كتابه
- أثره في الكتب والمؤلفات بعده
- الطبعات السابقة
- وصف النسخ الخطية المعتمدة
- منهج التحقيق
- نماذج من النسخ الخطية
المقدمة / 7
وقد اشترك في إعداد هذه المقدمة وصياغتها ومراجعتها كل محققي الكتاب.
وختمنا الكتاب بفهارس لفظية وعلمية كاشفة عن علومه وكنوزه، والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
كتبه
علي بن محمد العمران
مكة المكرمة ٢٨/ رمضان/ ١٤٣٨
المقدمة / 8
نسبة الكتاب، وعنوانه، وتاريخ تأليفه
* نسبة الكتاب
كتابنا هذا أشهر كتب الإمام ابن القيم ﵀، وقد لقي من القبول والسيرورة ما لم يلقه كتاب آخر من مؤلفاته كما سبق. وقد أجمَعَتْ على نسبته إليه كل نسخه الخطية، وكتب التراجم، والصادرون عنه في كتبهم من تلامذة المؤلف وغيرهم. وقد ذَكَر ابن القيم فيه غيرَ كتاب من مؤلفاته، مثل «تهذيب السنن» و«جلاء الأفهام» و«مفتاح دار السعادة» وغيرها، ونثرَ فيه كعادته أقوال شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية واختياراته. وشواهد أخرى كثيرة من منهج المؤلف وأسلوبه وترجيحاته لا تدع مجالًا للشك في نِسْبته إليه، فالكلام على هذه القضية تطويل بلا طائل.
* عنوان الكتاب
أما عنوان الكتاب، فلم يسمِّه المؤلف في مقدمته. وقد سماه الصفدي في كتابيه «الوافي» (٢/ ٢٧١) و«أعيان العصر» (٤/ ٣٦٩) وابن رجب في «الذيل على طبقات الحنابلة» (٥/ ١٧٥): «زاد المعاد في هدي خير العباد» (في مطبوعة الوافي: «دين العباد» تحريف).
ولما ترجم له الحافظ ابن حجر في «الدرر الكامنة» (٣/ ٤٠٢) قال وهو يذكر مؤلفاته: «وله من التصانيف: الهدي، وأعلام الموقعين، وبدائع الفوائد، وطرق السعادتين، وشرح منازل السائرين، والقضاء والقدر ...»، فسماه: «الهدي» من باب الاختصار. وهو ظاهر من صنيعه في تسمية معظم كتب ابن القيم، وقد يبدو معه شيء من عدم الاهتمام.
المقدمة / 9
وأما النسخ الخطية فإنها متفقة على العنوان المشهور إلا نسخة دار الكتب المصرية (٢٣٤ - حديث) التي رمزها (مب)، وهي نسخة قديمة غير مؤرّخة، فقد جاء في صفحة عنوانها: «زاد المعاد فيما بلغنا من هدي خير العباد»، فلعل المؤلف ﵀ سماه هكذا في بعض نسخ الكتاب، أو يكون تصرفًا من كاتب النسخة أو مالكها.
وجاء في آخر الجزء الأول من النسخة الكتانية بخط ناسخها ابن بَردِس البعلي الحنبلي سنة ٧٧٢: «تم السِّفر الأول من هدي النبي ﷺ».
وفي بداية الجزء الثاني من نسخة مانيسا المكتوبة سنة ٧٧٢ أيضًا: «الجزء الثاني من الهدي النبوي»، وفي خاتمته: «آخر المجلد الثاني من الهدي». ولم يصل إلينا الجزء الأول من هذه النسخة.
وجاء على صفحة العنوان من الجزء الثاني من نسخة بايزيد المكتوبة سنة ٧٦٧: «الجزو الثاني من زاد المعاد في هدي خير العباد ﷺ المسمَّى أيضًا بالهدي».
ولا يبعد أن يكون (الهدي النبوي) أو (هدي النبي ﷺ) هو العنوان الثابت في أوائل بعض النسخ، ولا يبعد أيضًا أن يكون المؤلف نفسه كتب ذلك في مطلع بعضها تجوُّزًا واختصارًا.
أما الناقلون من كتابنا فهم يسمونه أحيانًا باسمه الكامل، وأحيانًا يختصرونه، فالقسطلاني مثلًا في «إرشاد الساري» سمَّاه أحيانًا «زاد المعاد» (٢/ ١٩٥. ٨/ ٣٦٤، ٣٦٩، ٣٧٥. ٩/ ٢٠٠)، ومرة واحدة: «الهدي النبوي» (٨/ ٣٤٥)، ومرتين: «الهدي» فقط (٨/ ٤٣، ٣٧١). وسمَّاه الحافظ ابن حجر في موضع واحد من «الفتح» (١١/ ١٣٣): «الهدي النبوي» ــ ومثله في
المقدمة / 10
«كشّاف القناع» للبهوتي ــ وفي سائر المواضع: «الهدي». وهكذا إذا نقل منه ابنا مفلح في «الفروع» و«المبدع» والمرداويُّ وغيرهم قالوا: «اختار صاحب الهدي» و«ذكر صاحب الهدي» ونحوه. ولو اختصروه إلى «الزاد» لم يُبعِدوا، ولكن آثروا لفظ «الهدي» أو «الهدي النبوي» لدلالته على مضمون الكتاب.
وقد ذكر الحافظ ابن رجب من تصانيف المؤلف كتابًا يشبه «زاد المعاد» في عنوانه وموضوعه، وهو «زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدي خاتم الأنبياء». ولولا أنه صرح بعده بأنه في مجلد، وأن «زاد المعاد» في أربع مجلدات لأوهم أنهما اسمان لكتاب واحد. وسيأتي بعض الكلام على «زاد المسافرين» في مبحث بناء الكتاب.
* تاريخ تأليفه
لم نجد فيما وصل إلينا من مؤلفات ابن القيم إحالة على زاد المعاد، غير أنه أحال فيه على عدة كتب له، منها «تهذيب سنن أبي داود» (١/ ١٥٦)، و«مفتاح دار السعادة» (٤/ ٢٢٠)، و«جلاء الأفهام» (١/ ٧٢)، وأشار أيضًا إلى «مدارج السالكين» (٤/ ٢٥٣). وأشار في موضع آخر (٣/ ١٧٥) إلى نيته لإفراد كتاب في الحكم بالأمارات والقرائن، والظاهر أنه كتاب «الطرق الحكمية» الذي ألفه فيما بعد. والكتاب الوحيد الذي نعرف زمن تأليفه من الكتب المذكورة بالتحديد هو «تهذيب السنن»، فقد ألفه سنة ٧٣٢ بمكة المكرمة كما ذكر في آخره. إذن يكون ألَّف «زاد المعاد» بعد سنة ٧٣٢.
ولكننا وجدنا في الكتاب إشارة إلى حَدَث يعين على تحديد أقرب، وذلك أن المؤلف ذكر أن أهل الذمة إذا نقض بعضُهم العهدَ ورضي به
المقدمة / 11
الباقون فحُكمهم كحكم أهل الصلح: يُغزَون جميعًا، ثم قال: «وبهذا القول أفتينا وليَّ الأمر لما أحرق النصارى أموالَ المسلمين بالشام ودُورَهم، وراموا حَرْقَ جامعهم الأعظم حتى أحرقوا منارتَه، وكاد ــ لولا دفاع الله ــ أن يحترقَ كلُّه، وعلم بذلك من علم من النصارى وواطؤوا عليه وأقرُّوه ورضُوا به ولم يُعْلِموا به ولي الأمر. فاستفتى فيهم وليُّ الأمر من حضره من الفقهاء، وأفتيناه بانتقاض عهد مَن فعل ذلك أو أعان عليه بوجهٍ من الوجوه أو رضي به وأقرَّ عليه، وأن حدَّه القتلُ حتمًا، ولا يُخيَّر الإمام فيه كالأسير، بل صار القتل له حدًّا» (٣/ ١٦٢)، وذكر مثله في أحكام أهل الذمة (٣/ ١٢٣٤).
فإذا رجعنا إلى كتب التاريخ لمعرفة زمن هذا الحدث الذي أشار إليه المؤلف علمنا أنه وقع سنة ٧٤٠. انظر «ذيل العبر» للذهبي (ص ٢١٣)، وقد فصَّل القول فيه ابن كثير في «البداية والنهاية» (١٨/ ٤١٤).
وقد ذكر المؤلف في مقدمة الكتاب أنه ألفه ــ أي أخذ في تأليفه ــ حالَ السفر، ولم يشر إلى جهته، ولعله إحدى رحلاته للحج أو لغيره بعد سنة ٧٤٠، وقد حج مرات كثيرة كما ذكر تلميذه الحافظ ابن رجب في ترجمته. فهل تعطي هذه الحادثة دلالة أن الكتاب ألّف بعد سنة ٧٤٠؟ يحتمل ذلك، ويحتمل أنه مما أضافه المؤلف لاحقًا. ويظهر من بناء الكتاب ــ كما سيأتي ــ أن المؤلف أكمله في فتراتٍ مختلفة بعد أن ألقى عصا السفر وتوفَّرت له الكتب والمصادر.
* * * *
المقدمة / 12
بناء الكتاب وموضوعاته
الكتاب في صورته الحالية يحتوي على الأقسام الآتية:
١. مقدمة المؤلف (١/ ٥ - ٥٢).
٢. فصول في سيرة النبي ﷺ، وهديه في لباسه وأكله وشربه ومعاشرته للأزواج، ونومه وانتباهه وجلوسه وركوبه ومشيه، وبيعه وشرائه ومعاملاته، وقضاء الحاجة، الفطرة وتوابعها، وكلامه وسكوته وخطبه (١/ ٥٣ - ٢٠٧).
٣. هديه ﷺ في العبادات (١/ ٢٠٨ - ٦٨٣) ثم (٢/ ٥ - ٥٥٠).
٤. هديه ﷺ في الجهاد والمغازي والسرايا والبعوث ومكاتبته إلى الملوك وغيرهم (٣/ ٥ - ٨٨١).
٥. هديه ﷺ في الطب (٤/ ٥ - ٦١٦).
٦. هديه ﷺ في أقضيته وأحكامه (٥/ ٥ - ٥٩٢) و(٦/ ٥ - ٥٣١).
ولكن هل جاء الكتاب كما قدَّر المؤلف عندما شرع فيه؟ هذا ما يحتاج إلى بعض النظر والتأمّل، فنقول:
ختم المؤلف مقدمته بقوله: «وهذه كلمات يسيرة، لا يستغني عن معرفتها من له أدنى همة إلى معرفة نبيه ﷺ وسيرته وهديه، اقتضاها الخاطر المكدود على عُجَره وبُجَره، مع البضاعة المزجاة التي لا تفتح لها أبواب السدد، ولا يتنافس فيها المتنافسون، مع تعليقها في حال سفر لا إقامة، والقلب بكل واد منه شعبة، والهمة قد تفرقت شذر مذر. والكتاب مفقود، ومن يفتح بابَ العلم مذاكرتُه غير موجود ...».
المقدمة / 13
قوله: «كلمات يسيرة» صريح الدلالة على أن المؤلف ﵀ كان ينوي وضع كتاب مختصر في سيرة النبي ﷺ وهديه، ولا سيما لكونه في حال السفر وتشتت البال والبعد عن الكتب. فيبدو أنه لما كتب الفصول الأولى في سيرة النبي ﷺ وهديه لم يكن بين يديه إلا كتب معدودة أهمها «المختصر الكبير في سيرة الرسول ﷺ» لعز الدين ابن جماعة، و«القرمانية» لشيخ الإسلام وهي قاعدة تتضمن ذكر ملابس النبي ﷺ وسلاحه ودوابه. أما فصل قص الشارب (١/ ١٩١) الذي اعتمد فيه على كتاب «التمهيد» لابن عبد البر، فقد أضافه فيما بعد. وهكذا زاد في (١/ ٦٧) فقرة من «التمهيد» تتعلق بختان النبي ﷺ. ومثله ما يتعلق بزواج أم سلمة (١/ ٩٥ - ٩٨) وزيادات أخرى نبهنا عليها في تعليقاتنا.
ولكن يظهر أن المؤلف لما استقر به النوى، وحصلت له الكتب أبى ذهنه الوقَّاد وعلمه الغزير وقلمه السيَّال إلا أن يتوسع ويتبسَّط على منهجه المعروف، فينقل المذاهب، ويناقش الأدلة، ويرجح الأقوال، ويتكلم على الأحاديث والآثار؛ فاختلف بناء الكتاب، وابتعد ابتعادًا كليًّا عن خطته الأولى. فبينما كانت النية أن يكون كتابًا مختصرًا إذ امتدّ واستطال حتى بلغ «أربعة أسفار» كما ذكر الصفدي وغيره في ترجمته، وإذا كان المأمول أن يقتصر فيه على ما صح وثبت من هدي النبي ﷺ من غير تعرض لاختلاف الفقهاء ومحاكمة الأقوال، أصبح بعض أبوابه كأنها من كتاب مطوَّل في الفقه المقارن.
ومن أوضح الأدلة على تغيُّر خطة الكتاب: قِسْم الطب النبوي. قال المؤلف ﵀ في بعض فصول القسم الأول: «وأصول الطب ثلاثة: الحمية،
المقدمة / 14
وحفظ الصحة، واستفراغ المادة المضرة. وقد جمعها الله تعالى له ولأمته في ثلاثة مواضع من كتابه ... وهذه الثلاثة هي قواعد الطب وأصوله ... وهو الرؤوف الرحيم» (١/ ١٦٩ - ١٧٠). وقد أعاد هذا الكلام كله مع الآيات التي استدل بها في قسم الطب النبوي في المجلد الرابع، فلو كان في نيته عند ابتداء التأليف أن يخصص فصولا كثيرة تصلح أن تكون كتابًا مفردًا في الطب النبوي (وقد أُفرِد بالفعل فيما بعد بعنوان «الطب النبوي»، وبين أيدينا نسخة منه مكتوبة سنة ٧٨٨ أي بعد وفاة المؤلف بسبع وثلاثين سنة) لأشار إلى ذلك في هذا الموضع. هذه واحدة. والأمر الآخر أن ما يمكن أن يسمى الطب النبوي في الحقيقة ــ وكان خليقًا بأن يلحق بهدي النبي ﷺ حسب الخطة الأولى ــ لا يتجاوز ربع ما أورده في قسم الطب النبوي.
وقد ذكر ابن رجب في ترجمة المؤلف كتابًا آخر له بعنوان «زاد المسافرين إلى منازل السعداء في هدي خاتم الأنبياء»، ذكره قبل «زاد المعاد في هدي خير العباد» متصلًا به. ولا فرق بين العنوانين في المضمون كما ترى، فكلاهما في هدي النبي ﷺ، ولكنهما مختلفان في الحجم، فقد صرح ابن رجب بأن زاد المسافرين في مجلد واحد، وزاد المعاد في أربع مجلدات. فهل المؤلف نفسه أدرك بعد ما استطال الكتاب أنه استدبر من أمره غير ما استقبل، فاختصره في مجلد واحد؛ أو هي المسودة الأولى قبل أن تنضم إليها أبواب المغازي والطب والأقضية؟ لعل الثاني أقرب. وقد ذكر السخاوي هذا المختصر في «الجواهر والدرر» (ص ١٢٥٤)، فقال: «ولابن القيم كتاب الهدي النبوي لا نظير له، وآخر أخصر منه».
وكأن الفيروزابادي صاحب «القاموس» لاحظ أيضًا ما قصده المؤلف
المقدمة / 15
في البداية وما صار إليه الكتاب من الطول والتوسع فيما بعد، فصنع كتابًا مختصرًا سماه «سفر السعادة»، وجلّه مأخوذ من كتابنا هذا وإن لم يشر إليه!
بالإضافة إلى تغير الخطة، يظهر أن الكتاب دُوِّنت أقسامه المختلفة في أزمنة متفاوتة، ثم أضيفت إليه فصول وفقرات في أوقات مختلفة أيضًا، فأدّى ذلك كله إلى تكرار كثير واختلاف في بعض الأحيان. ومن أمثلة التكرار أنه عقد في المجلد الثاني (٤١٦ - ٤١٧) فصلًا في تفسير نهي النبي ﷺ عن تسمية العنب كرمًا، ثم تكلم عليه في المجلد الرابع (٥٤٦ - ٥٤٧) ولم يشر إلى البحث السابق، فكأنه نسي أنه فسَّره من قبل. وقد اقترح أحد المراجعين لنشرتنا هذه لما رأى كثرة التكرار أن يُفرَد في آخر الكتاب فهرسٌ للمسائل المتكررة.
ومن أمثلة الاختلاف: قوله في هديه ﷺ في الركوب (١/ ١٦١): إن المعروف أنه كان عنده بغلة واحدة، مع أنه قد ذكر قبل قليل في فصل الدواب (١/ ١٣٠) أربع بغال. وسبب ذلك أنه كان في هذا الفصل صادرًا عن كتاب «المختصر الكبير» لابن جماعة، وفي سياق هديه ﷺ في الركوب اعتمد على كلام شيخه شيخ الإسلام.
ولعل طول الكتاب وتفاوت وقت العمل فيه وتبييضه جعل المؤلف يَعِد بكتابة بعض الفصول والمباحث التي لم يتمكن من الوفاء بها، كما أشار في موضع إلى إفراد الخصائص النبوية (١/ ٣٦٠، ٣٨٣)، وفي موضع إلى أحكام السَّلَم (٦/ ٤٩٨)، وإلى الأطعمة والأشربة (٦/ ٤٢٢) والعِينة (٦/ ٤٦٨). وانتهى الكتاب في أثناء الكلام على البيوع دون استيفائها.
ونشير في السطور الآتية إلى ترتيب الموضوعات في الأقسام المذكورة من الكتاب مع بعض الملحوظات.
المقدمة / 16
* أما مقدمة الكتاب (١/ ٥ - ٥٢) فبيّن المؤلف فيها اضطرار العباد إلى معرفة الرسول وما جاء به، وتصديقه فيما أخبر، وطاعته فيما أمر؛ فإن سعادة الدارين معلقة باتباعه، ولا سبيل إلى معرفة الطيب والخبيث على التفصيل إلا من جهته، وبمتابعته يتميز أهل الهدى من أهل الضلال. فوجب على كل مسلم أن يعرف من هدي النبي ﷺ وسيرته ما يُدخِله في عداد أتباعه وشيعته وحزبه. وقد استشهد على ذلك بآيات وأحاديث، واستطرد في الكلام عليها إلى مباحث أخرى.
* ترتيب الفصول في سيرة النبي ﷺ وهديه في لباسه ... إلخ (١/ ٥٣ - ٢٠٧)
استهلَّها المؤلف بفصل في نسب النبي ﷺ، وبعد ما ذكر أن عدنان من ولد إسماعيل استطرد إلى إثبات أن إسماعيل هو الذبيح لا إسحاق ﵉. ثم في هذا الفصل نفسه ذكر مولد النبي ﷺ، ووفاة أبيه وأمه، وكفالة جده عبد المطلب ثم أبي طالب له، وسفره مع عمه إلى الشام، وزواجه من خديجة بعد عودته من رحلته التجارية إلى الشام، وتعبده في غار حراء، وبعثته ومراتب الوحي.
ثم عقد فصلًا في ختان النبي ﷺ، وبعد فصلين في مرضعاته وحواضنه، رجع مرة أخرى إلى مبعثه وأول ما نزل عليه وبيان ترتيب الدعوة ومراتبها.
ثم عقد فصلين في أسماء النبي ﷺ وشرح معانيها، وفصلًا اشتمل على ذكر الهجرة إلى الحبشة، وبيعة العقبة، والهجرة إلى المدينة، وبناء المسجد النبوي.
ثم تتابعت الفصول على هذا النسق: أولاده، أعمامه وعماته، أزواجه،
المقدمة / 17
سراريه، مواليه، خدامه، كتّابه، كُتبه إلى أهل الإسلام بالشرائع، كتبه ورسله إلى الملوك، مؤذّنوه، أمراؤه، حرسه، من كان يضرب الأعناق بين يديه، من كان على نفقاته وخاتمه وما إلى ذلك، شعراؤه وخطباؤه، حُداته، غزواته وبعوثه، وسراياه، سلاحه وأثاثه، دوابه، ملابسه.
وقد تابع المصنفُ في هذا الترتيب مصدره وهو كتاب ابن جماعة، غير أنَّ ذِكْر الخدّام فيه قبل ذِكر الموالي، وذِكر الغزوات بعد فصل الهجرة، وذِكر الملابس قبل الدواب. ولم يذكر ابن جماعة كتب النبي ﷺ. ومن جهة أخرى أغفل المصنف مما ذكره ابن جماعة صفة النبي ﷺ ومعجزاته ووفاته.
ولعله أخَّر ذكر الملابس ليصل كلام ابن جماعة فيه بكلام شيخ الإسلام في «القرمانية»، ويتخلص منه إلى ذكر هدي النبي ﷺ في سائر شؤون حياته. وذلك أن شيخ الإسلام لما ذكر هديه ﷺ في اللباس أنه كان يلبس ما تيسَّر من اللباس من قطن أو صوف أو غيرهما قال: و«كذلك كانت سيرته في الطعام: لا يردُّ موجودًا ولا يتكلَّف مفقودًا ... ويأكل لحم الدجاج وغيره» (جامع المسائل ٧/ ١٤٤). فأخذ المؤلف ﵀ هذه الفقرة، واستهل بها فصلًا جديدًا بعد فصل ملابسه ﷺ لتفصيل هديه في الأكل والشرب. ثم تتابعت الفصول في هديه ﷺ في النكاح ومعاشرة أهله، وغير ذلك كما سبق تفصيله.
* ترتيب قسم العبادات
رتب المؤلف ﵀ هدي النبي ﷺ في العبادات على الأبواب الآتية: الطهارة، الصلاة، الصدقة والزكاة، الصوم، الحج والعمرة. وختمه بفصول في هديه ﷺ في الذِّكْر.
المقدمة / 18
في باب الطهارة ذكر ﵀ هدي النبي ﷺ في الوضوء، والمسح على الخفين، والتيمم. وفاته ذكر هديه في الغسل وإزالة النجاسة.
وفي باب الصلاة ذكر أولًا صفة صلاته ﷺ من أولها إلى آخرها، وقفى عليه بهديه في سجود السهو، والأذكار بعد الصلاة، والسُّتْرة. ثم ذكر هديه في السنن الرواتب، وقيام الليل والوتر، وصلاة الضحى، وسجود الشكر، وسجود القرآن، والجمعة، والعيدين، وصلاة الكسوف، والاستسقاء، وصلاته في السفر، وقراءة القرآن. وختمه بفصول في هديه في الجنائز وما يتعلق بها من النهي عن تعلية القبور وزيارتها والتعزية.
ومن المباحث التي أفاض القول فيها: وضع الركبتين قبل اليدين عند السجود، والقنوت في الفجر، وخصائص يوم الجمعة فذكر ثلاثًا وثلاثين خاصة (١/ ٤٦٠ - ٥٣٠)، وتعيين ساعة الإجابة في يوم الجمعة.
أما باب الصدقة والزكاة فقد ذكر فيه أولًا حكمة تشريع الزكاة، وهديه ﷺ في تفريق الزكاة وإعطائها لمن هو أهل لها، ونهي المتصدِّق أن يشتري صدقته. وخصَّص فصلًا للكلام على زكاة العسل، وبيَّن هدي النبي ﷺ في زكاة الفطر، وصدقة التطوع. وبمناسبة كون الصدقة من أعظم أسباب شرح الصدر خصَّص فصلًا لذكر هذه الأسباب وحصولها على الكمال له ﷺ (٢/ ٢٨ - ٣٣).
وفي باب الصيام ذكر أولًا تاريخ فرض الصوم، ثم هديه ﷺ في شهر رمضان، وعدم الدخول في صوم رمضان إلا برؤية محققة أو شهادة، وفصَّل الكلام على صوم يوم الغيم، وبيَّن هديه ﷺ في الإفطار، وحكم الصوم في السفر، وهديه في الصوم جنبًا، والأشياء التي يفطر بها الصائم، وصيام
المقدمة / 19
التطوع. وأفرد بحثًا في صيام يوم عاشوراء وإفطار يوم عرفة بعرفة، وهديه ﷺ في صوم يوم السبت والأحد وكراهة تخصيص يوم الجمعة بالصوم. وختم هذا الباب بذكر هديه ﷺ في الاعتكاف.
أما باب الحج والعمرة فهو باب طويل ذكر فيه أولًا عدد عُمَر النبي ﷺ، ثم ساق هديه ﷺ في حجته منذ أن خرج من المدينة إلى أن رجع إليها، وتكلم في أثنائها على أحكام جزئية كثيرة للحج، وبيَّن أوهام الذين غلِطوا في ذكر عُمَر النبي ﷺ وصفة حجته وإهلاله، وردَّ على ما احتجُّوا به. وقد خصَّص فصلًا طويلًا للكلام على فسخ الحج إلى العمرة (٢/ ٢١٩ - ٢٧٢).
ثم عقد بابًا في هديه ﷺ في الهدايا والضحايا والعقيقة، وختمه بذكر المناهي اللفظية. وعقّبه بفصلٍ في هديه ﷺ في الذكر، جمع فيه أذكار النبي ﷺ في مناسبات مختلفة، وبه ختم قسم العبادات من الكتاب.
* ترتيب قسم المغازي
بدأه المؤلف بذكر مكانة الجهاد في الإسلام وأنه أنواع عديدة: بالحجة والبيان وبالسيف والسنان، وأن العدو الخارجي لا يمكن جهاده حتى يجاهد نفسه وشهواتها، ويجاهد الشيطان ووساوسه.
ثم ذكر ما قام به النبي ﷺ من الجهاد من أول مبعثه، وذلك بالقرآن كما قال تعالى: ﴿الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا﴾ [الفرقان: ٥٢]، فآذاه قومه وآذوا أتباعه إلى أن اضطروا إلى الهجرة إلى الحبشة، وأذن الله لنبيه بالهجرة إلى المدينة، ثم فُرض عليه القتال.
ثم ساق الأحاديث في فضل الجهاد والترغيب فيه وفي فضل الشهادة في سبيل الله.
المقدمة / 20
ثم ذكر مجمل هدي النبي ﷺ في الجهاد والغزو، وهديه في تقسيم الغنائم والنفل، والتشديد في الغلول، وهديه في الأسارى والسبي والجواسيس وعبيد المشركين والأرض المغنومة وما إلى ذلك.
ثم عقد فصلًا في هديه في الأمان والصلح ومعاملة رسل الكفار، وأخذ الجزية وما إليه، فذكر فيه قبائل اليهود بالمدينة وغدرهم بالنبي ﷺ واحدة تلو الأخرى، وقتال النبي ﷺ إياهم وإجلاءهم (وهذه الغزوات الثلاث مع اليهود ذكرها بالتفصيل هنا ثم أعادها مختصرة في موضعها من المغازي)، وذكر أيضًا صلحه مع قريش ومع أهل خيبر.
ثم عقد فصلًا في «سياق مغازيه وبعوثه على وجه الاختصار»، وهو قِوام هذا الجزء وأكبر فصوله. فإنه يمثّل نحوًا من ثُلُثيه؛ ذكر فيه الغزوات على ترتيبها الزمني ويعقب أكثرها بذكر ما يستفاد من قصتها من فوائد وأحكام، وما فيها من الحكم الإلهية.
ثم عقد فصلًا في قدوم وفود العرب إلى النبي ﷺ بعد مجيئه من تبوك، ويذكر ما في قصصهم من الفقه. وختم بفصل في كتب النبي ﷺ إلى الملوك والرؤساء.
وبه ينتهي هذا القسم، مع أنه بقي عليه مما في «عيون الأثر» ــ وهو مصدر المؤلف في كثير مما يذكره لا سيما في النصف الأخير ــ: سرية علي بن أبي طالب إلى اليمن، وحجة الوداع، وسرية أسامة بن زيد إلى الشام (التي توفي عنها النبي ﷺ). فهذه الأحداث الثلاثة ذكرها ابن سيد الناس بعد ذكر كتب النبي ﷺ إلى الملوك، وقد سبق ذكر حجة الوداع في قسم العبادات عند المؤلف، إلّا أنه لم يُشر إلى السريتين.
المقدمة / 21
* ترتيب قسم الطب
بدأه المؤلف ﵀ بمقدمة ذكر فيه أولًا أن المرض نوعان: مرض القلوب ومرض الأبدان، وكلاهما مذكور في القرآن. وقد أرشد سبحانه إلى أصول الطب ومجامع قواعده، وهدي الرسول ﷺ في ذلك أكمل هدي. ثم بيَّن أن من هديه ﷺ التداوي في نفسه والأمر به لمن مرض من أهله وأصحابه، وتكلم على قوله: «ما أنزل الله من داء إلا أنزل له شفاء» ودلالة هذا الحديث وغيره على ربط المسببات بالأسباب والأمر بالتداوي وأنه لا يناقض التوكل. ثم ذكر أن علاجه ﷺ للمرض ثلاثة أنواع: أحدها: بالأدوية الطبيعية، والثاني: بالأدوية الإلهية، والثالث: بالمركب من الأمرين.
وعلى ذلك جاءت الفصول بعد المقدمة على ثلاثة أقسام:
١ - في العلاج بالأدوية الطبيعية.
٢ - في العلاج بالأدوية الروحانية الإلهية المفردة، والمركبة منها ومن الأدوية الطبيعية.
٣ - في ذكر الأدوية والأغذية المفردة التي جاءت على لسان النبي ﷺ مرتبة على حروف المعجم.
وختم هذا القسم بفصول في المحاذير والوصايا الكلية النافعة من وصايا الأطباء.
* ترتيب قسم الأقضية والأحكام
بدأ المجلد الخامس بفصول في هديه ﷺ في الأقضية والأحكام، وبيَّن في أوله (٥/ ٥) أن ليس الغرض ذِكْر التشريع العام، وإنما الغرض ذكر هديه في الحكومات الجزئية التي فصَل فيها بين الخصوم، وكيف كان هديه في
المقدمة / 22
الحكم بين الناس. وتعرض فيه إلى قضايا الحدود المختلفة كالزنا والسرقة واللواط وقتل الساحر والجاسوس وغيرها (٥/ ٥ - ١٠٠)، ثم ذكر بعض أحكامه في الفتوح والمغازي وقسمة الغنائم والأموال على اختلافها وبعض مسائل الجهاد وأحكام المغازي والسير (٥/ ١٠١ - ١٣٦) وهذه الأحكام سبقت بالتفصيل في المجلد الثالث الخاص بالمغازي والسير، وهو كثير الإحالة إليه في هذا القسم.
ثم تطرق إلى أحكام النكاح وأقضيته وتوابعه (٥/ ١٣٧ - ١٦٥) ثم عقد مبحثًا طويلًا في المحرّمات من النساء (٥/ ١٦٦ - ١٧٧)، ثم أخذ في مسائل تتعلق بالوطء والتعددّ والقَسْم وأحكام الزوجية (٥/ ١٧٨ - ٢٦٩).
ثم انفصل إلى أحكام الخلع والطلاق، وتوسّع في الطلاق البدعي والطلاق الثلاث بكلمة واحدة (٥/ ٢٧٠ - ٤٠٥)، ثم إلى مسائل تتعلق بالفراق والظهار والإيلاء واللعان واستلحاق الولد (٥/ ٤٠٦ - ٥٩٢).
وفي المجلد السادس ذَكَر المؤلف حكمه ﷺ في الولد مَن أحقُّ به في الحضانة، وتوسع في الكلام على مسألة تخيير الولد بين الأبوين في الحضانة. ثم ذكر حكمه ﷺ في النفقة على الزوجات، وتوسَّع هنا في بيان أنه لا نفقة للمبتوتة ولا سُكْنى كما في حديث فاطمة بنت قيس، وأطال في ذكر المطاعن التي طُعِن بها هذا الحديث ثم ردَّ عليها وبيَّن بطلانها. وبعد الانتهاء منها عقد فصلًا في وجوب نفقة الأقارب، ثم فصلًا طويلًا في حكمه ﷺ في الرضاعة وما يحرم بها وما لا يحرم، وحكمه في القدر المحرِّم منها، وحكمه في رضاع الكبير هل له تأثير أم لا؟ ثم ذكر حكمه ﷺ في العِدد، وفصَّل الكلام على تفسير «القروء» هل هي الحيض أو الأطهار، مع ذكر أدلّة الفريقين ومناقشتها
المقدمة / 23