Zacim Thair Ahmad Curabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Genres
والوزارة كما ترى مؤلفة من أعضاء تجمعهم فكرة تأييد سلطة الخديو ومخالفة العرابيين، فشريف باشا قد انفصل عنهم من عهد استقالته من الرياسة في فبراير سنة 1882، ورياض باشا معروف بكراهيته لهم، وكذلك عمر باشا لطفي، وعلي باشا مبارك كان وزيرا في وزارة رياض باشا الأولى التي أسقطتها الثورة في سبتمبر سنة 1881، وبقية الوزراء من الموالين للخديو.
محاكمة العرابيين
(1) المحاكمة
اعتقل زعماء الثورة العرابية، واعتقل أيضا كثيرون من الضباط، وألقوا في السجون رهن التحقيق والمحاكمة، وكثرت السعايات والوشايات، فأخذ المغرضون يشون بخصومهم بتهمة أنهم كانوا من الخارجين على الخديو، حتى امتلأت السجون بالمتهمين، وبلغ عدد المقبوض عليهم أكثر من 39000 نفس.
ووضعت الحكومة يدها على جميع زعماء الثورة، ماعدا السيد عبد الله نديم، فإنه اختفى عن الأنظار ولم تستطع عيون الحكومة أن تعرف مقره، وقبض على كبار الضباط المعروف عنهم التشيع لعرابي أو الذين اشتركوا في حوادث الثورة، وغصت السجون بكبار المعتقلين ... نذكر منهم: عرابي باشا، ومحمود باشا سامي البارودي، ومحمود فهمي باشا، ويعقوب سامي باشا، وعبد العال حلمي باشا، وعلي فهمي باشا، وطلبة باشا عصمت (السبعة الزعماء)، وحسن باشا الشريعي وزير الأوقاف في وزارتي راغب والبارودي، وعبد الله باشا فكري وزير المعارف في وزارة البارودي، إلخ ...
وقد حوكم عرابي وصحبه أمام محكمة عسكرية مصرية بتهمة عصيان الخديو، واهتم بأمره منذ القبض عليه المستر ولفرد بلنت المستشرق الإنجليزي، الذي ناصره منذ ابتداء الحركة والمشهور بمناصرته لمصر والمصريين، وسعى جهده في إنقاذ عرابي من الإعدام، ولم يكن هذا المسعى من صالح عرابي في شيء؛ لأن حياته في الواقع لم تكن لها قيمة بعد الهزيمة، وقد اختار له المستر بلنت باتفاقه مع السلطات الإنجليزية اثنين من المحامين الإنجليز، وهما المستر برودلي والمستر نابيه، للدفاع عنه أمام المحكمة العسكرية.
واستقر رأي الإنجليز على أن يقدم عرابي وصحبه أمام المحكمة العسكرية بتهمة عصيان الخديو، واستبعاد تهمة مذبحة الإسكندرية وتهمة إحراقها، وأن يعترفوا بجرمهم، وأن يستبدل الخديو بحكم الإعدام النفي المؤبد، وأن يصدر بعد ذلك مرسوم بمصادرة أملاكهم مع عدم المساس بأملاك زوجاتهم، وأن تقرر الحكومة لكل منهم معاشا يفي بحاجتهم مع حرمانهم رتبهم وألقابهم، فارتضى العرابيون هذا المصير، وعلى ذلك جرت المحاكمة، وكانت بعد الاتفاق المتقدم ذكره محاكمة صورية، عرفت نتائجها قبل انعقاد المحكمة، ولم تدم سوى يوم واحد ... إذ انعقدت المحكمة العسكرية برياسة محمد رءوف باشا يوم 3 ديسمبر سنة 1882 بوزارة الأشغال بقاعة مجلس الشيوخ السابق، الساعة التاسعة ونصف صباحا لمحاكمة عرابي أولا. ولم يكن الجمهور يعلم بالموعد المحدد لانعقادها، فلم يحضر الجلسة سوى نحو أربعين من النظارة، منهم عشرون من مراسلي الصحف، وكان مقررا أن يتولى الاتهام أمام المحكمة العسكرية المسيو بوريللي رئيس قلم قضايا الحكومة، ولكنه تنحى عن الجلوس في مركز المدعي العمومي، إذ رأى أن المحاكمة مهزلة متفق عليها من قبل، فجلس بدله قومندان الحامية الإنجليزية في التحقيق، وأخذ مجلسه قريبا من المكان الذي أعد لعرابي، وبعد أن أخذ أعضاء المحكمة مجالسهم مرتدين ملابسهم الرسمية، جيء بعرابي من السجن.
وكان قبل مجيئه قد وقع على وثيقتين ... الأولى يعترف فيها بارتكابه جريمة العصيان، ويتعهد في الثانية بأن لا يبرح الجهة التي تعينها الحكومة الإنجليزية لمنفاه.
دخل عرابي قاعة الجلسة مرتديا بدلة عادية، وجلس في المقعد الذي خصص له، وجلس محامياه إلى جواره ... فتلا عليه رءوف باشا رئيس المحكمة ورقة الاتهام مخاطبا إياه بما يأتي: أحمد عرابي باشا ... أنت متهم أمام هذه المحكمة بناء على طلب لجنة التحقيق بجريمة العصيان ضد الجناب الخديوي، مخالفا المادتين 96 من القانون العسكري العثماني و59 من قانون الجنايات العثماني، فهل تقر بالتهمة أم لا؟
فأجاب عرابي: «إن محاميي سيجيبان بالنيابة عني.»
Unknown page