Zacim Thair Ahmad Curabi
الزعيم الثائر أحمد عرابي
Genres
بلغ الجنود الإنجليز العباسية في نحو الساعة الرابعة مساء، وعسكروا في ثكنات الفرسان بها ... وأرسل الجنرال دروري لو إلى محمد رضا باشا قائد الجند بالعباسية يطلب إليه تجريد الجنود من أسلحتهم، وكان عرابي وصحبه مجتمعين في دار علي فهمي باشا الذي لم يزل جريحا ملازما بيته بعد إصابته في معركة القصاصين، فتلقى في نحو الساعة السادسة مساء تلغرافا من قائد العباسية بوصول طلائع الإنجليز، فأرسل عرابي يأمره بالتسليم للقائد البريطاني.
ولما انفض الاجتماع خرج عرابي يصحبه طلبة باشا عصمت ومحمود سامي باشا البارودي والمسيو جون نينيه ... فأشار عليهم المسيو نينيه بأن يسلموا أنفسهم كأسرى حرب للقائد البريطاني، فعمل عرابي وطلبة بنصيحته، وتهيأ الاثنان للذهاب إلى العباسية لكي يسلما نفسيهما للجنرال دروري لو. أما محمود سامي البارودي فلم يقبل هذه النصيحة، وقال: «إني ذاهب إلى منزلي، فإذا أرادوني فإنهم يعرفون أين يجدونني.» وذهب عرابي إلى منزله يصحبه طلبة باشا والمسيو نينيه، وأخذ يتأهب لتسليم نفسه، فلبس رداءه العسكري وأخذ سيفه. وفي نحو الساعة التاسعة مساء ركب عربة يصحبه طلبة باشا، وأمر سائقها بالتوجه إلى ثكنات الجيش بالعباسية، فلما بلغاها جيء بهما إلى الجنرال دروري لو، فسلما سيفهما إليه، فأمر باعتقالهما في غرفة من غرف الثكنة، وسارت كتيبة من الفرسان البريطانيين ليلا إلى القلعة من طريق الجبل، واحتلتها وسلمت الحامية المصرية.
وتولى تسليم القلعة الأميرالاي علي يوسف خنفس؛ ذلك الخائن الذي فتح لهم الطريق في وقعة التل الكبير.
واحتل الإنجليز أيضا قصر النيل وقشلاق عابدين، وسلم الجنود الذين كانوا بهما أسلحتهم ... فكان ذلك إيذانا باحتلال العاصمة.
وقد خرج بعض الأهلين من سكان باب الشعرية والحسينية يحملون الهراوات بقصد محاربة الإنجليز، ولكن محافظ العاصمة إبراهيم بك فوزي رأى في هذه الحركة عملا لا يجدي ولا يؤدي إلا إلى سفك الدماء، فردهم وأخذ يرقب حركاتهم منعا لوقوع الاحتكاك بين الإنجليز والأهلين.
واحتل الإنجليز بعد ذلك مواقع الدفاع الأخرى دون مقاومة، ففي كفر الدوار حين علم ضباط الجيش في مواقع الدفاع الأخرى بسقوط التل الكبير واستسلام عرابي، استسلموا مثله. وقد علم طلبة باشا عصمت في كفر الدوار بالهزيمة يوم وقوعها، فسافر على عجل إلى العاصمة، فبلغها مساء 13 سبتمبر، والتقى بعرابي وسلم نفسه معه إلى القائد دروري لو.
ولما علم الجند بسفره تركوا أسلحتهم لضباطهم وتشتتوا ذاهبين إلى بلادهم، وكذلك فعل العربان، وحضر السير أفلن وود أحد قواد الجيش البريطاني - الذي عين فيما بعد سردارا للجيش المصري - في 16 سبتمبر على رأس كتيبة من الجند، موقع الحصن المنيع الذي أنشأه عرابي وكان أول خطوط الدفاع، ويعرف بعزبة «أصلان» فاحتله ... وكان يصحبه إلى ذلك المكان ضباط من أركان حربه وآخرون من قبل الخديو، وأمر بنسف الحصن ... فنسف وسلم الضباط المصريون أسلحتهم وأعلنوا طاعتهم للخديو، واستولى الإنجليز في كفر الدوار على ما بها من المدافع والبنادق والذخائر.
وحين علم محمود سامي البارودي قائد موقع الصالحية بالهزيمة، تركها ومن معه من الضباط وركبوا قطرات السكة الحديدية إلى المنصورة، ومنها إلى طنطا ثم إلى إيتاي البارود، فكوم حمادة فبولاق الدكرور، وانحل نظام الجند، وتوجه كل منهم إلى بلده. وارتأى البارودي وجوب استمرار الدفاع مع إخلاء القاهرة والانسحاب بالجيش إلى الصعيد، ثم إلى السودان إذا أعجزهم الدفاع، وأرسل إلى عرابي تلغرافا من المنصورة يطلب منه إغراق مديريتي القليوبية والشرقية لتعطيل زحف الجيش الإنجليزي، ثم الاستيلاء على جميع المراكب في النيل وشحنها بالذخيرة وتوجيهها إلى الصعيد مع الجيش، ولكن عرابي رفض العمل بهذا الرأي وأصر على التسليم، وسجن البارودي بالقاهرة ضمن من سجن من العرابيين.
وتسلم الإنجليز حصون رشيد، وتوقفت حامية أبو قير عن التسليم، فأرسل إليها الخديو يوسف شهدي باشا فسلمت، وسلمت كذلك حامية مريوط ثم حامية دمياط. (2) تأليف وزارة شريف باشا «الرابعة»
تبين في غضون الحوادث السابقة، أن وزارة إسماعيل راغب لا قبل لها بمواجهة المشاكل التي استهدفت لها البلاد، وأنها أضعف من أن تقوم بأعباء الحكم وسط هذه العواصف المختلفة، فاستقالت لذلك، واستدعى الخديو رياض باشا من أوروبا فقدم إليها في أواسط شهر أغسطس سنة 1882، وبعد قدومه عهد إلى شريف باشا تأليف الوزارة، فلبى دعوته وألف الوزارة على النحو الآتي: شريف باشا للرياسة والخارجية، رياض باشا للداخلية، عمر باشا لطفي للحربية والبحرية، علي حيدر باشا للمالية، علي باشا مبارك للأشغال، أحمد خيري باشا للمعارف، حسين فخري باشا للحقانية، محمد زكي باشا للأوقاف.
Unknown page