فأقول له وشجاعتي لا تفارقني: لقد بعث قيصر إلي.
فيقول وهو يرفع حاجبيه من الدهشة: ولكن هذا الجناح مخصص لكبير وزراء قيصر.
فأسأله في صوت رزين: وأين إذن أجد قيصر؟ - اذهب إلى القاعة الكبرى، وهناك فلتسأل كبير التشريفات.
وأقلب الورقة التي كتبت فيها شكواي بين يدي. وحين أفرغ من قراءتها - للمرة الواحدة بعد المائة - يعاودني الأمل في لقاء قيصر. ولكني أصحو على أصوات تناديني من خلفي: أيها الرجل، أيها الرجل.
فألتفت لأجد جماعة من الحراس يتقدمون نحوي. وأجفل لرؤيتهم، وتطرف عيناي؛ إذ تقع على ملابسهم المزركشة بالألوان الحمراء والزرقاء، ويقبض واحد منهم على ذراعي ليقول لي: إنا نبحث عنك منذ ساعات.
فأقول لهم: وأنا أيضا أبحث عن قيصر.
فيعتذر إلي حارس طويل القامة في أدب رقيق: لقد أخطأنا حين تركناك تدخل القصر.
فأتعلق بثيابهم وأنا أستنجد، ألست رجلا من الشعب؟! - نعم، ولكنه يريد رجلا آخر!
وأعود معهم أشق ردهات القصر، وأعبر دروبه، وأجوز قاعاته، وأتفرج على بدائعه وكنوزه، ويلاحظ الحراس أن رجلي أصابهما الوهن، فأنا أعرج بهما، وأنني في حاجة إلى الراحة بعد جهد المسير.
أنا ما زلت في موقفي على أفريز هذا الشارع.
Unknown page