قال الذئب: أعني أنهم وجدوك على نياتك، فاختاروك لهذه المهنة.
صاح المدرس محتجا: بل أنا الذي اخترتها عن عقيدة وإيمان، ولو عشت حياتي مرة أخرى لما اخترت غيرها.
قال الذئب لأنك لست ذئبا كما تصورون الذئاب، ولو كنت مثلهم لاخترت أن تكون سياسيا أو محاربا أو تاجرا أو مديرا أو محتالا أو ...
قاطعه المدرس مستاء: هذه مبالغة، راجع التاريخ فستجد أن كثيرين من هؤلاء كانوا مثال الخير والبطولة والفداء والتضحية.
قال الذئب ساخطا: يا سيدي متى تفهم؟ قلت لك: إن الإنسان للإنسان ذئب، لست أنا الذي قال هذا، هل تحب أن أقولها لك أيضا باللاتينية؟
قال المدرس مستعطفا: أرجوك، إلا اللاتيني، فلم أكره شيئا مثله.
نظر إليه الذئب وأطال النظر. كانت عينه تبحث عن الملابس التي يرتديها فلا تجد إلا الكفن الأبيض يحيط بهيكله النحيل، قال بعد تأمل: خذ نفسك مثلا، لو كنت ذئبا مثلهم، فهل كنت ترضى بالعيشة التي عشتها؟
قال المدرس: ولم لا؟! لقد عشت حياة سعيدة، أعلم أولادي وتلاميذي شيئا جديدا كل يوم، راضيا بمرتبي و...
قال الذئب: مرتبك! هل تعرف مقدار المرتب الذي يقبضه أولئك الذين لا يعملون شيئا؟
قال المدرس: قلت لك لقد عشت سعيدا ومت سعيدا.
Unknown page