رأيت عبدا عموميا - تعرفه أنت لرؤيته - يرفع يسراه وكانت تلتهب التهابا وتتأجج ببريق عشرين شعلة، وهي مع ذلك لقلة تأثرها بالنار لم تحترق ولا أصابها أذى.
ولقيت أيضا - ومذ ذاك لم أغمد حسامي - أسدا بالسوق فحملق إلي ثم مضى ولم يمسني بأذى، ورأيت مائة امرأة محتشدات متكاثفات قد أشحب الرعب وجوههن، ونكر الفزع صورهن يحلفن أنهن أبصرن رجالا قد استطارت النيران في أشخاصهم، وارتدوا من وهج الحريق معصفرات الوشح والمجاسد، غادين رائحين في الشوارع، وبالأمس جثم طائر الليل «البومة» بالسوق إبان الظهيرة يصيح ويصرخ، ومتى اجتمعت نذر السوء هكذا فلا يقولن الناس: إنها فعلت ذلك لأسباب طبيعية، أما أنا فأعتقد أنها فأل نحس وشؤم على المكان الذي إليه عمدت ونحوه أشارت.
شيشيرون :
حقا إن هذه لأوقاتا منكرة، ولكن الناس قد يؤولون مظاهر الأشياء كما يبدو لهم على خلاف ما ترمي إليه الأشياء ذاتها وتقصد، هل قادم قيصر إلى السوق غدا؟
كاسكا :
سيفعل، فلقد أمر أنطانيوس ينبئك أنه سيكون هنالك غدا.
شيشيرون :
عم مساء يا كاسكا، إن هذا الجو المضطرب لا ينبغي أن يسلك.
كاسكا :
سلاما يا شيشيرون. (يخرج شيشيرون.) (يدخل كاسياس.)
Unknown page