شعر مروان أن قلبه كقلب طفل في الثالثة من عمره، واستغرب مما يسمعه، بأنه لم يعد هناك عالم بما كان يسمى أولا أو ثالثا، ولم يعد في هذا العالم عنصرية، ولا سلالية، ولا قبلية، ولا عقائدية. ولا الخوف الذي يجعل الإنسان غير حر، فالخوف من المجهول يجعل المرء عبدا لأناه، والتي بدورها تجعله عدائيا تجاه الآخر.
في اليوم الثالث من بقاء مروان في المشفى، حضر هيوموروبوت ولطمه في الخد وشتمه، مدعيا أنه يتخفى عن السلطة. ابتسم مروان بعد اللطمة ولم يغضب. حدث نفسه بتعجب: «ترى لماذا لم أشعر بالغضب لكرامتي؟! لماذا لم أقاوم؟! ولماذا لم أكره هذا الرجل؟ لم أكن سلبيا إلى هذا الحد يوما!» ثم راح يتأمل في ذاته، يحدث نفسه: «كيف استطاعوا أن يكبحوا عنده الغضب؟ أي معرفة توصلوا لها؟ حقا إنهم قتلوا الشيطان داخلي كما قتل في قلب عيسى المسيح!»
في صباح اليوم الرابع، أخذت البروفسور عينة من دمه، ونسيجا من جسمه، وقامت بفحص الكروموسومات، وجدت أن الجين الإيثاري قد ارتفع إلى حده الأعلى، بينما الجين الأناني في أدنى مستوى له. شعرت بالسعادة لنجاح مهمتها البيولوجية. ثم عادت إلى مروان برفقة الأطباء حولها، لم يدر مروان هل هم بشر أم آليون! سألته: كيف ترى إيمانك بالله الآن؛ فقد كنت تشك بأن هذا العالم ملحد؟ - أشعر أن الله سكن في قلبي، وأنني أحب الذين كنت أراهم أعدائي فيما مضى! - أنت الآن اجتزت طورا جديدا في البشرية، وأصبحت نبي ذاتك، كأنبياء العصور السابقة، كانوا أناسا استثنائيين، أرادوا أن يكبحوا الأنا في البشرية، لكنهم لم يستطيعوا وها نحن بالعلم استطعنا!
كانت البروفيسور تبدو لمروان شابة وجميلة عكس نظرته الأولى نحوها، وهي تخبره عن السماح له باللقاء الروحي مع شريكاته، أما تلقيحه لحياة جديدة سيكون فيما بعد، وسوف تخبره مرة أخرى حين تلتقي به في منزلهم.
6
أقبلت النسوة لإعادة مروان إلى المنزل، أخبرتهن البروفسور ماري عن مروان بما أدهشهن. قالت: هذا الرجل ليس شريككن «كريم نورين»، الفحوصات الطبية والبيولوجية والفسيولوجية المحفوظة لدى الحاسوب تشير إلى أنه رجل آخر. وقد رفض الحاسوب أن نسمي هذا الرجل بكريم نورين؛ لما وجد فيه من تغير كبير؛ لهذا أسميناه كما ينادي نفسه «مروان» وأصدرنا له بطاقة جديدة، وبعد تطعيمه أصبح رجلا مناسبا لهذا العصر وخاليا من فيروسات عصره، القرن الثالث ق.ج. بدا عمره من خلال الحاسوب 560 عاما، لا مجال للشك في هذا الأمر. لا ندري كيف بقي إلى هذا العصر، ونحن إلى الآن لم نستطع أن نطيل عمر الإنسان لأكثر من مائتين وخمسين عاما. هنيئا لكن طاقته الجنسية الهائلة. وأصدرنا له بطاقة شخصيته:
الاسم: مروان غصون سعيدة.
الجنس: ذكر.
العمر: 560 عاما.
تاريخ الميلاد: 1 /1/ 250 ق.ج.
Unknown page