Yāqūtat al-ghiyāṣa al-jāmiʿa li-maʿānī al-khulāṣa
ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة
Genres
وأما الاقتداء فمثل أن يقتدي بما بفعله غيره من الكتابة المحكمة فيفعل مثلها مقتديا بها، وإن كان غير عالما بها، وإن كان الاحتذاء والاقتداء الأنفعان إلا ممن هو عالم بتكيفهما ولا يحسنه كل واحد ولا يجوز أن يكون الله تعالى أحكم العالم محتذيا ولا مقتديا؛ لأنه لو أوجده كذلك لكان المثال الذي احتذى عليه أو اقتدى به لا بد له من محكم، فإن كان هو الله تعالى فذلك هو المثال فعل محكم، ونحن نعلل الكلام إليه، ونستدل به على أنه تعالى عالم، وقد صح منه المثال ابتداء وإن أخذته غيره فذلك الغير إما أن يكون قديما أو محدثا، لا يجوز أن يكون قديما لما سيأتي أنه لا ثاني لله تعالى، وإن كان محدثا فهو فعل محكم في نفسه؛ لأنه قادؤ عالم، وفاعله هو الله تعالى، إذا لا قديم سواه، وان فعله محدث آخر تسلسل فيستدل به على أنه تعالى عالم؛ لأنه قد فعله ابتداء على أنه لو صدر عنه بالابتداء ولا....لدل على كونه عالما، يكفيه وضع الطابع على وبالطابع، وكذلك المحتدث لابد أن يكون عالما بكيفية......اقتربت الكتابة على حسب ترتيب ما يحتذى به ويقدم ما قدمه، ويؤخر ما أخره، وإذا أثبت بهذا أنه عالم ببعض الإسناد لنا بعد ذلك على أنه عالم لذاته فيجب أن يعلم جميع الأشياء، ويدل على أنه عدل حكيم، ويصح السمع ويستدل بالسمع على أنه تعالى هو المحكم لجميع العالم، فإن قيل ما أنكرتم أن يكون الله تعالى أوجد العالم غير محكم ثم أحكمه غيره، والجواب عنهم نحو ما تقدم لأن محكمه لا يخلو إما أن يكون قديما أو محدثا باطل أن يكون قديما على ما يأتي بيانه، وإن كان محدثا فهو فهو محكم، ومحكم لا يخلو إما يكون هو الله تعالى أو غيره، باطل أن يكون غيره؛ لأنه لا يخلو إما أن يكون قديما أو محدثا وتسلسل، فلم أن يبق إلا أن محدثه هو الله تعالى وقد صح انه محكم فحصل غرضنا، أو يكون هو الذي أحكم العالم وأحدثه، ويبطل السؤال فثبت الأصل الأول وهو أن الفعل المحكم قد صح منه ابتداء.
Page 248