Yaqutat Ghiyasa

Ibn Hanash d. 719 AH
126

Yaqutat Ghiyasa

ياقوتة الغياصة الجامعة لمعاني الخلاصة

Genres

أما الموضع الأول: وهو في معنى قولنا إنه أول الواجبات فإنما احتجنا إلى تفسير هذه العبارة؛ لأن إطلاقها يوهم أن المكلف إذا بلغ أول أحوال تكليفه فإن النظر أول ما يجب عليه ولا يقارن وجوبه واجب آخر وليس كذلك فإن من بلغ وعنده وديعة أو عليه دين أو عنده شيء مغصوب فإنه يجب عليه قضاء الدين ورد الوديعة والمغصوب كما يجب عليه النظر هذا يعليه وهذا .......... واحتجنا إلى بيان هذه العبارة لرفع هذا الوهم إذا أثبت هذا فمعناه هذه[67ب] العبارة أنه أول الأفعال الواجبات المقصودة التي لا يعزي عن وجوبها مكلف من غير شرط.

قلنا: أول الأفعال احتراز من التروك بحق ترك الظلم والكذب والجهل، وغير ذلك من القناع، فإن المكلف لا ينفك عن التكليف بتركها في أول أحوال تكليفه كما لا ينفك عن التكليف بالنظر ولا مرية للنظر عليها.

وقلنا الواجبة احتراز مما ليس بواجب، وقلنا المقصوده احترازا من أن يقال: إن أول الواجب هو القصد إلى النظر قبل فعله ولكن القصد إلىالنظر غير مقصود، وإلالزام التسلسل في قصد القصد، وقلنا لا يعزى عمن وجوبها مكلف احتراز من قضاء الدين، ورد الوديعة، وشكر نعمة المخلوقين، فإن قد يعزى عن وجوبها؛ لأنه يمكن أن يبلغ حالة التكليف وليس معه وديعة ولا عليه دين، ولا تكون عليه نعمة لمخلوق، بخلاف النظر فإن كل مكلف لا ينفك عن وجوبه في أول أحواله في التكليف.

وقلنا من غير شرط احتراز من نعمة الله فإنها لا تعزى عنها، ولكنه لا ينفك شكره تعالى على وجهين:

أحدهما: الشكر المطلق، وهو الإعتراف بنعمته وتعظيمه من غير شرط، وهذا لا يجب إلا بعد معرفة الله تعالى ولا عدل له، وأنه قصد وجه الإحسان إليه، وهذا لا يحصل إلا بعد معرفة الله تعالى، والمعرفة لا تحصل إلا بالنظر فقد سبق النظر وتأخر الشكر، وجرى مجرى الواجبات الشرعية.

Page 128