الفصل الثاني عشر: عليك بالخوف من الله
إخواني: من علم عظمة الإله زاد وجله، ومن خاف نقم ربه حسن عمله، فالخوف يستخرج داء البطالة ويشفيه، وهو نعم المؤدب للمؤمن ويكفيه.
قال الحسن: صحبت أقوامًا كانوا لحسناتهم أن ترد عليهم أخوف منكم من سيئاتكم أن تعذبوا بها.
ووصف يوسف بن عبد الحسن فقال: كان إذا أقبل كأنه أقبل كأنه أقبل من دفن حميمه، وإذا جلس كأنه أسير من يضرب عنقه، وإذا ذكرت النار فكأنما لم تخلق إلا له.
وكان سميط إذا وصف الخائفون يقول: أتاهم من الله وعيد وفدهم، فناموا على خوف وأكلوا على تنغص.
واعلم أن خوف القوم لو انفرد قتل، غير أن نسيم الرجاء يروح أرواحهم، وتذكر الإنعام يحيى أشباحهم.
ولذلك روى: لو وزن خوف المؤمن ورجاؤه لا عتدلا.
فالخوف للنفس سائق، والرجاء لها قائد، إن ونت على قائدها حثها سائقها، وإن أبت على سائقها حركها قائدها مزيح الرجاء يسكن حر الخوف، وسيف الخوف يقطع سيف - سوف - وإن تفكر في الإنعام شكر وأصبح للهم قد هجر، وإن نظر في الذنوب حذر، وبات جوف الليل يعتذر، وأنشد:
أظلت علينا منك يومًا سحابة ... أضاءت لنا برقًا وأمطرتنا
فلا غيمها فيائس طامع ... ولا غيثها باقي، فيروي عطاشها
1 / 91