وعن له أن يسرح فائقا على سمت قومس «9» والري ليقطع الإمداد والمواد عنه، ويلبس أخبار تلك الديار عليه، فيزيده شغل النفس «1» بتوجه الجيوش إليه من وجهين، وإحداقهم به من جانبين، فنهض على السمت المذكور، ثم بدا له فيما دبر ورأى أن التحزب للاستظهار على الوجه الواحد أصوب، ومن الحزم والاحتياط أقرب، فاسترده من وجهه إلى آزاذوار «2» فاجتمعا على التضافر، واتفقت آراؤهم «3» على التساير.
وسار حسام الدولة تاش في تلك العساكر إلى باب جرجان وفيهم شمس المعالي، وفخر الدولة حتى أناخوا بظاهرها. وتحصن مؤيد الدولة بويه بها، واحتجز بخندق قعره، ومخترق غوره، وفروج للبلد حصنها، ودروب بحفظة الرجال شحنها.
ومادهم «4» الحرب حتى غبر شهران كيوم واحد [27 أ] في مداومة الكفاح، وملازمة السلاح. وضاق الطعام في ربض جرجان، حتى أعيا الديلم قوتهم الذي يحفظ على الثبات قوتهم، فكانوا يرزأون من نخالة الشعير المعجونة بالطين، وعهدي بهم يدرجون كتبهم إلى أهاليهم بالري أشباه الفراخ «5»، يظهرون «6» فيها شكوى الحال والهزال، فكانت كأقراص المداد في السواد.
Page 54