وكان شمس المعالي قابوس بادره إليها، وجمع عسكره بها، فلما تلاقيا تناوشا الحرب من لدن طلوع الشمس إلى الزوال، حتى احمر بساط الأرض من دماء الأبطال، ثم اتجهت على عسكر الجيل «7» كشفة أعياهم ضبطها لزوال الأقدام عن المقام، فتفرقت جموعهم في خمر «1» الغياض والآجام. وعطف شمس المعالي إلى بعض قلاعه المشحونة بذخائر أمواله، واستظهر عنها «2» بالأهبة للغربة، وسار نحو نيسابور. فلما وردها لحق به فخر الدولة من طريق أستوا «3» فالتقيا «4» هنالك، واجتمع إليهما من فرقته الكشفة في الطرق المختلفة من طبقات الرجال. وكتب إلى الأمير أبي القاسم نوح بن منصور والي خراسان بحالهما في قصد دولته، وتأميل الانتعاش بعونه ونصرته، وافتكاك ما غصبا عليه من الولايات بعز دعوته. فورد عليهما من الجواب الضامن للإيجاب، ما شرح صدورهما «5»، وشد بالنجح «6» القريب ظهورهما. وكتب إلى أبي العباس تاش بإجلال محلهما، وإكبار قدرهما، وإكرام جوارهما، وتقديم الاحتشاد لردهما [26 ب] إلى ديارهما. ففعل ما رسم، وتلقى بالامتثال ما حتم. وعطفت إليه أعنة الخيول من كل وجه، حتى استظهر بنخب الرجال، وعزم على الارتحال، ونهض من نيسابور قاصدا قصد جرجان إذ «7» كان مؤيد الدولة بويه «8» بها لينتزع ولاية الأمير شمس المعالي أولا من يده، ثم يتفرغ من التدبير فيه إلى غيره.
Page 53