ووافق تلك الأيام انقطاع شمس المعالي قابوس بن وشمكير «9»، وفخر الدولة أبي الحسين علي بن بويه «1» إلى نيسابور عن حرب جرت «2» بين مؤيد الدولة بويه «3»، وبينهما. وسببها «4» أن عضد الدولة أبا شجاع «5» كان قصد فخر الدولة وهو أخوه لإجلائه عن ولايته التي كان أبوه ركن الدولة «6» أوصى بها له، وعقد الوثيقة على كل منهما به على الجملة التي أشار إليها أبو إسحاق الصابي في كتابه المعروف ب (التاجي). ودبر ودس إلى أهل عسكره من استمالهم عنه، وأغراهم به، فلما ناهضه وهو إذ ذاك بهمذان «7»، وتدانت الخطى بينهما، خف معظم جيوشه إلى عضد الدولة مستأمنين، وولوه أعقاب الغدر هاربين. فلما آنس خذلانهم إياه، وكفرانهم نعماه، وبالأمس ما قد رأى ابن عمه بختيار «1» كيف قطع رحمه، وأريق دمه، خالفهم إلى طريق الديلم «2» هائما على وجهه، [25 ب] وناجيا بحشاشة «3» نفسه، ومتقيا بركوب شعابها «4» المضطربة، وآجامها الأشبة «5»، محاذرة من مس الطلب، وركض الأكراد والعرب. وتوغل تلك البلاد طاويا مسافتها إلى جرجان «6»، حتى ألم بشمس المعالي قابوس بن وشمكير لاجئا إليه، ومستأمنا إياه، فأمنه وآواه، ومهد له ذراه، وأعطاه فوق ما تمناه، وأشركه فيما ملكت يداه، حتى جعل الملك- وهو العلق «7» الذي طالما ضنت النفوس بابتذاله- وقاية له دون من هم باغتياله، وسعى في استفساد حاله.
وبيان ذلك أن عضد الدولة ومؤيدها أرسلا إليه رسولا «8» يستردانه على شرط أموال تحمل إليه، وولايات عريضة تضاف إلى ما في يديه، وعلى مواثيق تستأنف في التعاقد على الصفاء والتعاون في حالتي السراء والضراء.
Page 51