فعاود «7» حضرة الأمير السديد مستصرخا إياه، وضارعا إلى غوثه فيما دهاه، فأحسن لقياه، وأكرم مثواه، وأعاد تقويته وإنجاده، وكثف بالخيول سواده، ورده بهم إلى [22 ب] سجستان، فوافق «8» وصوله إليها مضي طاهر لسبيله، وانتصاب ابنه الحسين منصبه، ووراثته في الخلاف مذهبه، فحاصره خلف مناصبا له الحرب غاديا ورائحا، [ومماصعا ومكاوحا] «1» حتى كثر القتلى بين الفريقين، وطالت يد الانتصاف على أصحاب الحسين، فعندها كتب إلى بخارى متنصلا عن سمة الخلاف، ومتلطفا للاستفادة «2» والاستعطاف، ومظهرا الطاعة في وفادة الحضرة، ومباشرة تراب الخدمة، حتى صادف إرخاء من ضيق الخناق، وفكاكا من شدة الإرهاق، فأحسن ذلك الأمير إجابته، وقابل بالقبول «3» إنابته، وسهل إلى ورود الحضرة سبيله، وحقق بالإحسان والإفضال تأميله.
واستقرت أمور سجستان على خلف بن أحمد، فطالت عليها «4» أيامه، وطارت فيها أوامره وأحكامه، وانبسطت بالعز يده وباعه، وتموجت بذخائر الأموال رباعه وقلاعه.
وانقطعت عن بخارى مواد خدمته وطاعته، وإعفائه «5» بمال مواقفته، ومقابلة حق الاصطناع بواجبه. وانضاف إلى ذلك استهانته بالأوامر الصادرة إليه في حثه على رشده، ودعائه إلى ما يجمع صلاح يومه وغده، فجرد عند ذلك الحسين بن طاهر [23 أ] لمناهضته في جمرات «6» خراسان ومشاهير رجالها، ومساعير أبطالها. فحصره في قلعة أرك «7»، ودارك عليه الحرب زمانا طويلا، فلم يغن فتيلا «8»، ولم يجد إلى الافتتاح سبيلا.
وجعل أبو الحسين العتبي يزيده عددا على عدد، وصفدا على صفد.
Page 45