218

ودم رفيعا عالي القدح ... ممتنع الملك على القدح ثم جعل السلطان سجستان طعمة لأخيه صاحب الجيش أبي المظفر نصر «1» بن ناصر الدين سبكتكين مضافة إلى نيسابور، وناهيك بهما «2» ولاية في بلاد المشرق.

فنصب «3» لخلافته عليها أبا منصور نصر بن إسحاق وزيره، ووكل بها تدبيره، ورضي لها تقديمه وتأخيره. فقام بضبط الولاية، واستدرار الجباية، وإتقان السياسة، وإنعام الحراسة، قيام من عدله الزمان بثقافه «4»، وزينه الكمال بأوصافه.

وعاد السلطان إلى بلخ على استئناف الجد في غزو الهند، على ما سنذكره في موضعه إن شاء الله وحده «5» [123 أ].

ذكر شمس المعالي قابوس بن وشمكير وانتقاله إلى مملكته بعون الله

ونصرته بعد طول التقلب في التغرب

قد كان شمس المعالي أقام بخراسان ثماني عشرة «6» سنة مداريا ومصابرا للدهر على وقعاته، وتصرف حالاته، لم تغمز يد الحادثات قناته، ولم يقرع صرف النائبات صفاته، ولم تنقص دوائر الأيام مروءته، ولم تنقض على اختلاف أحوالها حبوته، ولم يبق من أصحاب الجيوش وزعماء الجمهور من لم يضرب بسهم من نوافله، ولم يرجع إلى حظ من عطاياه وفواضله، ولم يخدمه أحد من ذوي الحشمة بسلام، إلا حظي منه بإنعام وإحسان، وأحبية ألوان «7»، وأفراس مطهمة حسان. فعلى الأكتاف خلعه ولباسه، وتحت الأفخاذ مراكبه وأفراسه، وحشو البيوت بدره وأكياسه.

Page 226