175

ولما اشتدت وطأة [الحرب على صحبها، ومرت كأسها على شربها، وتكاثفت جموع أبي إبراهيم المنتصر على] «8» أصحاب صاحب الجيش أبي المظفر، اقتضاهم الاحتياط أن يتحيزوا إلى جانب «1» هراة انتظارا للمدد، واستشرافا لمأمول صنع الله في الغد، فحثوا ظهور الخيل بين ذيول الليل، حتى شابت عليهم لمته «2» بين حدود بوزجان «3».

وتمكن المنتصر من نيسابور، وانضم إليه من شذاذ العسكر الجمع الكثير، والجم الغفير.

وبلغ السلطان يمين الدولة وأمين الملة خبره، فاستركب خيله من غير أن يتربص بنهاره ليله [99 أ] وسار سير الخبب، يطوي الأرض كطي السجل للكتب، حتى انقض على نيسابور انقضاض بني الهواء على بنات الماء «4». ولما تسامع المنتصر بإقباله انحدر إلى إسفرايين في عامة رجاله، وبث أصحابه في الرساتيق «5» لجباية أموالها، وإزاحة أطماع حشمه بها، فأزعجه الطلب للحاق بشمس المعالي قابوس بن وشمكير مستصرخا إياه، ومؤملا غوثه وجدواه. فتلقاه بكل ما تمناه، ومهد له ذراه، وأعطاه حتى أرضاه. وكان مما أمر بحمله إليه صفقة واحدة: عشر دواب بمراكب الذهب، وثلاثون «6» بمراكب الفضة، وثلاثون من العتاق الجياد بالبراقع والجلال، وعشرون بغلة بمراكب الذهب والفضة، وثلاثون أخرى مقرونة بخمسين جملا موقرة «7» أحمالا وأثقالا من البسط النادرة، والفرش الفاخرة، ومن حصر طبرستان، وسائر الطرائف «8» المجموعة في الخزائن بجرجان.

Page 183