173

كان سبب خروجه أنه لما تمكن أيلك خان من بخارى، قبض على: أبي الحارث المكحول، وعبد الملك، وأبي إبراهيم «4»، وأبي يعقوب بني نوح بن منصور الرضا، [97 أ] وعلى أعمالهم: أبي زكريا، وأبي سليمان، وأبي صالح الغازي، وغيرهم من الأرومة السامانية، وأمر باعتقالهم. ورسم إفراد الإخوة منهم في حجرة على حدة احتياطا لنفسه بتفريق ذات بينهم عن تمكينهم من اقتضاب الحيل، واختلاق الأراجيف، وارتقاب الفرص. واحتال أبو إبراهيم المنتصر للتخلص من معتقله «5» في زي جارية كانت تنتابهم لمطالعة أحوالهم، ومراعاة أوقات أقواتهم «6»، فكانت حاله في الخلاص موافقة لحال الكميت حين استشعر «7» ثياب طلته «8»، وانسل «9» من «10» غمد الاعتقال بمهجته، ثم أنشأ يقول:

خرجت خروج القدح قدح ابن مقبل ... على الرغم من تلك النوابح والمشلي «1»

علي ثياب الغانيات وتحتها ... صريمة رأي أشبهت سلة النصل «2»

واستخفى المنتصر [بعد خلاصه] «3» عند عجوز من أهل بخارى إلى أن أيس منه الطلب، ثم سار إلى خوارزم كالحسام الغاضب، بل الشهاب الثاقب، متجردا للانتصار، مستعينا بالله على درك الثأر. وتلاحق به من ند وعار «4»، وأنجد وغار من بقايا القواد والأجناد السامانية [98 أ] في أطراف خراسان، حتى اجتمع شمله، وكثف خيله ورجله.

وركض أرسلان بالو الحاجب إلى بخارى، فبيت «5» الخانية «6» بها تحت الملاحف والنمارق «7»، وشغلهم بحقائق السيوف البوارق، عن مجاز الأحلام الطوارق، وقبض على جعفرتكين وعلى سبعة عشر نفسا من أعيان القواد الخانية، وحملهم في وثاق الأسر إلى الجرجانية، وأفلت الباقون بجريعة الأذقان «8» نحو أيلك الخان، فركب أرسلان أكتافهم يحثهم حث الشمال قزع «9» الخريف، وطرحهم إلى حدود سمرقند وما يليها مقتفيا آثارهم.

Page 181