156

فعلم الأمير سيف الدولة [88 أ] أن تلك المناقشة صادرة عن تمويه الحساد، وتلبيس المناوئين والأضداد، وأن داء الحقد ليس له علاج، وأن صلاة النجح بغير فاتحة البر خداج. فأرسل «5» إلى الأمير أبي الحارث ثقته أبا الحسين «6» الحمولي بهدايا يضن «7» بمثلها سمح النفوس، ويضيق عن قدرها رحب الصدور. ورسم له أن يحجب سمعه عن تضريب المضربين، وتثريب المثربين، ويتلطف لاستخلاص سره «8» له، واستصفاء محله قبله، لترتفع الحشمة، وتتأكد العصمة، وتستحكم الثقه، ويعرفه «1» بأن تخييمه «2» بعرصات خراسان إنما هو من أجل موالاته، وتدبير أمور ولاياته.

فلما ورد «3» بخارى، أعرض عما وجه له «4»، وعرضت الوزارة عليه لموافقة مورده، وخلو صدرها عمن يستقل بأمرها، فكان مثله كما قيل:

خلت الديار فسدت غير مسود ... ومن الشقاء تفردي بالسؤدد

واشتغل بالوزارة عن حق السفارة، وأقبل على الأمر بوجه المجد المستبد، يريد سكر ما انبثق عليه النهر، وكتمان ما نم عليه الجهر، ولن يصلح العطار ما أفسد الدهر.

وأنشدني المضراب «5» لنفسه فيه:

وكنا نذم الدهر من غير حنكة ... بيوسفه «6» والبلعمي «7» وغيره [88 ب]

إلى أن رمانا بالغفاري «8» بعدهم ... وعاندنا في عبده وعزيره «9»

وما قد دهانا بابن عيسى «10» وجوره ... وفي ابن أبي زيد «11» النخيب «12» وسيره

Page 164