147

وتوسط والي الجوزجان أبو الحارث «4» بينهما على أن يسكن نابض الخلاف، ويقف بهما على نقطة العدل والإنصاف. وأراد كلا منهما على التلاقي قبله، ليشافه كل منهما أخاه بما يقترحه من مراد، ويقتدحه من زناد، إذ كانت لوجوه المشافهة حرمة يعز مثلها على ظهر البعاد، فيحال التحيز والانفراد. فأما الأمير سيف الدولة فإنه رأى ذلك صوابا، وأوجب من نفسه إسعافا «5». وأما إسماعيل [82 ب] فإنه ند «6» عن الإجابة، ولحظ الأمر بعين الاسترابة، ورأى التسمح بما يقترح عليه من مال الإرث- وإن كان فادحا كله- أهون عليه من ذلك مراما، وأيسر حملا «7» والتزاما، ذعرا تمكن من نفسه، ورعبا سرى إلى صميم قلبه، وخيفة سالت به في أودية الظنون، ونفرته عن ضم القوادم للسكون.

وأنشدته «1» ذات يوم أبياتا لسيف الدولة في أخيه ناصر الدولة الحمدانيين معرضا بالألفة التي هي أوطأ مهادا، وأخصب مرتعا ومرادا. وهي «2»:

رضيت لك العليا وإن «3» كنت أهلها ... وقلت لهم بيني وبين أخي فرق

ولم يك بي عنها نكول وإنما ... تغافلت «4» عن حقي فتم لك الحق

ولا بد لي من أن أكون مصليا «5» ... إذا كنت أرضى أن يكون لك السبق

فرجعت «6» عن مقاصدها من ذرعه، وطاشت سهامها دون الغرض المقصود بها من سمعه.

Page 155