118

وكتب أبو علي بن بغرا الحاجب وسائر الأسرى يذكرون له أن الأمير سبكتكين استدعاهم ومناهم، ووصلهم وحباهم، ووعدهم الإفراج عنهم متى ردت تلك الفيلة إلى مرابط أمثالها من مناخه، وسألوه أن يفعل ذلك تنفيسا عنهم، وتخليصا لهم. فتقدم أبو علي إلى أميرك بردها، والإفراج عنها. ونهض هو وفائق على سمت أبيورد مصحرين عن تلك المضائق. فبعث أميرك تلك الفيول إلى الأمير سبكتكين، [65 أ] وكتب إليه يريه أنه المتقرب بردها، المتفرد بالخدمة فيها، فاستعمر «10» بذلك رتبته، وأحبط على أبي علي قربته. وفي ذكر هذه الوقعة يقول أبو الفتح البستي الكاتب:

ألم تر ما أتاه أبو علي ... وكنت أراه ذا لب وكيس

عصى السلطان فابتدرت إليه ... رجال يقلعون أبا قبيس

وصير طوس معقله فأضحى ... عليه طوس أشأم من طويس «1»

وسار أبو علي وفائق إلى سواد «2» أبيورد على أن يقصدا كورة نسا، فسنح لفائق أن يعدل إلى سرخس لرأي رآه، فخذل أبا علي على «3» على المكان، وسار بمن معه من الغلمان. فلما سمع «4» أبو علي بنبئه «5»، أرسل إليه بأني غير مفارقك على أية حال تصرفت بنا من إجداب وإخصاب، وإحزان وإسهال، وأن ركوب هذا الطريق كان على ما سنح لنا بادي الرأي من الصواب. وإذ قد بدا لك في التدبير فإني تابع رأيك، وها أنا من ورائك، فوقف له إلى أن لحق به، وسار إلى سرخس، ومنها إلى مرو.

وحين تسامع الأمير سبكتكين بخبر عدولهما عن سمت أبيورد، نهض على أثرهما، واستخلف الأمير سيف الدولة على ما فوض إليه من أعمال نيسابور، ضامنا عنه كفاية أمرهما ، فقضيا أو طارهما بمرو، ثم اخترقا مفازة آمل الشط محتجزين بجدوبة المفازة، وصعوبة المسافة، وانسداد المسالك، وانسدام المناهل «6». وألقيا بها عصا القرار.

Page 125