وأهم الأسفار التاريخية هي أسفار القضاة والملوك والأخبار وأستير ونحميا والمكابيين.
وأما أسفار موسى الخمسة التي كانت تصنف بين تلك الأسفار فيما مضى، فتتألف من أساطير كلدانية ومن عدة قوانين دقيقة يرجع نشوءها وتطبيقها إلى زمن أحدث من الزمن الذي وصف في سفر التكوين وسفر الخروج، وكتبت تلك الأسفار الخمسة في عهد الملوك، ويمتاز سفر التثنية، الذي هو أحد تلك الأسفار والذي هو أحدثها، من بقية تلك الأسفار بروحه المثالية.
وليس من الممكن عد موسى مؤلفا لتلك الأسفار الخمسة فقط، بل إن موسى شخص أسطوري أكثر من كونه شخصا تاريخيا، أي إن ذاتيته رتبت كما رتبت ذاتية بدهة «بوذا» بعد حين.
ومما يلاحظ في جميع الأسفار الإسرائيلية، التي تعد كتبا تاريخية، ميل ظاهر إلى استخراج نظرية من انتظام الحوادث، وهذه الأسفار لم تكتب لحفظ ذكرى الوقائع الممتعة فقط، بل كانت غايتها إثبات شيء، وهذه الأسفار جميعها إذ وضعت بصيغة الجزم بدا حسن النية فيها هزيلا.
وما تركه العبريون لنا من تاريخهم فقد دونه أحبار ملكيون كانوا يهدفون إلى نصر مبدأ الحكومة الملكية الإلهية.
وكان هؤلاء لا يألون جهدا في إظهار بني إسرائيل مسوسين من إلههم القومي يهوه الذي يعد القضاة أو الملوك مترجمين مفاوضين له بكثرة دالة، وكل عصيان ليهوه كان يؤدي إلى جزاء فوري، وكل تقوى نحوه كانت توجب أعظم رخاء.
وكان يصعب على المؤلف إذا ما تناول الحوادث الحديثة المعروفة جدا أن يشوهها تشويها كليا، فيكتفي بجعل تفسيره التي يمليها الهوى ملائمة لها.
ويمكن أن يعتمد تقريبا على كتاب اليهود في معظم تاريخ بني إسرائيل بعد شاول، وتتجلى مزيتهم الكبيرة، ولكن مع غير شعور، في حفظهم لنا حفظا صحيحا وصف المجتمع الذي تمت فيه الحوادث، لا هذه الحوادث على الدوام.
وتجد جميع معتقدات اليهود في أسفارهم حيث أودعت منذ عدة قرون، ولكن حيث كان عمى الوساوس الدينية يحول دون رؤيتها.
وظلت أوروبا النصرانية زمنا طويلا تقرأ كتب مؤرخي اليهود بالروح التي أرادها هؤلاء المؤرخون، وما وده أولئك المؤرخون من تمويه على معاصريهم ارتضاه أمثال أغوستن وبسكال وبوسويه وشاتوبريان، أكثر من ارتضاء ذلك الشعب الجاهلي المتعصب الذي حاولوا إقناعه.
Unknown page