Al-wuzarāʾ waʾl-kuttāb
الوزراء والكتاب
Genres
[126]
المؤمنين أبي العباس ، ونحن في المدائن، وقد أرسلت الخيل فبينا نحن ننظر طلع فرس سابق، قد حصل في الغبار، فما ترى علامته، فقال عيسى بن علي: لي، وقال غيره: لي، ثم طلع آخر على تلك الصفة، ثم طلع ثالث على تلك الصفة، فنظروا فإذا هي لخالد بن برمك، وقد أخذ قصبات السبق، فقال خالد: يا أمير المؤمنين، من يقبضها؟ فقال: هي لنا عندك، فإنك عدة من عددنا، فسرى عن الرشيد، وزال الغضب عنه.
وهاجت بالشام عصبية في سنة ثمانين ومائة، فقال الرشيد لجعفر: إما أن تخرج أنت إليها، وإما أن أخرج أنا. قال: فشخص جعفر من الرقة، يريد الشام، يشيعه الرشيد، وخرج معه جميع من بحضرته من الوجوه والأشراف، وفيهم عبد الملك بن بن صالح، فلما ودعه قال له جعفر: اذكر حاجتك، فقال له: حاجتي - أعز الله الأمير - أن تكون لي كما قال الشاعر:
وكوني على الواشين لداء شغبة ... كما أنا للواشي ألد شغوب
فقال جعفر: بل أكون كما قال الآخر:
وإذا الواشي أتى يسعى بها ... نفع الواشي بما جاء يضر
ثم سار جعفر إلى الشام فأصلحها، وظفر بجماعة ممن سعى بالفساد، وشرد آخرين، حتى استقامت أمورها أحسن استقامة. وله خطبة خطبها وهي:
الحمد لله الذي لم يمنعه غناه عن الخلق من العائدة عليهم، ولم تمنعه إساءتهم من الرحمة لهم، دعاهم من طاعته لما ينجيهم، وذادهم من معصيته عما يرديهم، كلفهم من العمل دون طاقتهم، وأعطاهم من النعم فوق كفايتهم، فهم فيما حملوا مخفف عنهم، وفيما خولوا موسع عليهم، وصلى الله على محمد نبي الرحمة، والمبعوث إلى كافة الأمة، وعلى أهل بيته الطاهرين، وسلم تسليما.
Page 229