169

Al-wuzarāʾ waʾl-kuttāb

الوزراء والكتاب

[91]

حسن، وأحضره إياه، فأحسن إليه المهدي، ووصله بمال، وأقطعه مالا من الصوافي بالحجاز، وأحمد فعل يعقوب في ذلك.

وشكي إلى المهدي في حجته هذه بعض عماله، وسئل عزله، فلم يفعل، فلما صار ببعض الطريق ورد عليه خبر وفاته، فقال: يا يعقوب، عزله من هو أقوى على عزله منا.

ثم صرف المهدي أبا عبيد الله عن وزارته في سنة ثلاث وستين ومائة، واقتصر به على ديوان الرسائل، وكان يصل إليه على رسمه، وغلب على أمره كله ووزارته يعقوب بن داود، وجد المهدي في طلب الزنادقة، وقلد عمر الكلواذاني طلبهم، فظفر بجماعة منهم، وظفر فيهم بيزيد بن الفيض، كاتب المنصور، فأقر بالزندقة، فحبس، وهرب من الحبس، فلم يقدر عليه. ثم عزل المهدي أبا عبيد الله عن ديوان الرسائل في سنة سبع وستين ومائة، وقلده الربيع، فاستخلف الربيع عليه سعيد بن واقد، وكان أبو عبيد الله يصل إلى المهدي على مرتبته، رعاية لحرمته.

ومن حسن كلام أبي عبيد الله ما رواه عمرو بن بحر الجاحظ:

التماس السلامة بالسكوت، أولى من التماس الحظ بالكلام، وقمع نخوة الشرف، أشد من قمع بطر الغنى، والصبر على حقوق النعمة، أصعب من الصبر على ألم الحاجة، وذل الفقر، قاهر لعز الصبر، كما أن عز الغنى، مانع من الانصراف، إلا لمن كان في غريزته فضل كرم، وفي أعراقه مناسبة لعلو الهمة.

وتفرد يعقوب بتدبير الأمور كلها. وتوفي عمر بن داود أخو يعقوب. وكان سبب ذلك أنه خرج متنزها، ومعه جماعة من أهله وأقاربه، ومعه سفرة وفواكه، فقدمت إليه سلة فيها عنب، فأخذ منها حبتين، فألقاهما في فيه، فاعترضتا في حلقه، فلم تنزلا ولم تصعدا حتى مات، فرثاه ابن أخيه داود بن علي بن داود:

غدا صحيحا مع الأحياء مغتبطا ... والآن ميتا بقربي أهله عمر

فاحتل قبرا لدى قبر أبوه به ... يعلوهما نضبد الأحجار والمدر

فما بقاؤك يا داد بعدهما ... فاحذر حذار امرئ قد شفه الذعر

Page 169