163

Al-wuzarāʾ waʾl-kuttāb

الوزراء والكتاب

[88]

في كل يوم جمعة ألف ألف درهم، وشفعت الخيزران في أمره، بالرضاع الذي كان بين هارون ابنها وبين الفضل بن يحيى، فرضي عنه، ورده إلى منزلته.

ولما انصرف هارون من الغزاة التي نفذ فيها في سنة ثلاث وستين ومائة، توفي خالد، فوجه إليه المهدي بكفن وحنوط ، وصلى عليه هارون.

ولم يزل أبو عبيد الله في خلافة المهدي إلى سنة ثلاث وستين ومائة مستقيم الأمر، ثم سعى عليه الربيع، وحمل المهدي على مكارهه، فصرفه في سنة ثلاث. وكان السبب في ذلك أن الربيع كان يحسن خلافة أبي عبيد الله، بحضرة أبي جعفر عند غيبته مع المهدي بالري، ويكاتبه بما يحتاج إليه، وينبهه على ما يصلحه، ويكف عنه من يريد غيبه والقدح في محله، أو ذكره بخلاف الجميل، فلما انصرف الربيع من الحج، بعد موت أبي جعفر، وقد قام ببيعة المهدي القيام المشهور، قصد بابه، بادئا به قبل المهدي، فقال له الفضل: يا سيدي، تترك أمير المؤمنين، وتترك أهلك، وتأتي أبا عبيد الله! فقال: يا بني، هو صاحب الرجل، فليس ينبغي أن نعامله كما كنا نعامله، ولا أن نحاسبه بما كان منا في أمره، من النصرة له والمعاونة. فلما وصل إلى الباب وقف عليه، وقد كان وقت المغرب إلى وقت عشاء الآخرة، ثم خرج الحاجب، فقال: ادخل، فثنى رجله لينزل، وثنى الفضل رجله معه، فقال الحاجب: إنما استأذنت لك وحدك يا أبا الفضل، فقال له: ارجع فأعلمه أن الفضل معي، ثم أقبل على الفضل فقال: هذا من ذاك. ثم خرج الآذن، فأذن لهما جميعا، فدخلا وأبو عبيد الله في صدر مجلسه على مصلى قد اتكأ على وسادة، فلم يقيم إليه، ولا استوى جالسا، ولا ألقى إليه شيئا يجلس عليه، وتركه على البساط، وجعل يسائله عن سفره ومسيره وحاله، والربيع يتوقع أن يسأله عما كان منه في أمر المهدي، وتجديده بيعته، فأعرض أبو عبيد الله عن ذلك، فذهب الربيع ليبتدئه بذكره، فقال: قد بلغنا نبؤكم، فقام الربيع لينصرف، فقال أبو عبيد الله: لا أرى الدروب إلا وقد أغلقت، فلو أقمت.

Page 163