وكان الانفصاليون في الروماني أقوياء؛ لذلك لم يستطع مميانتي أن يقوم بالإصلاحات التي عزم عليها بسبب العراقيل التي وضعت في طريقه، وشعر أخيرا أنه أضاع مركزه، وكانت أخبار الهزيمة في كوستوزه ضربة قاضية عليه.
وتولى الحكم بعده فايري، وهو من رجال المؤامرة القدماء، شريف النفس وطني، وكان طاعنا بالسن، وقد اتخذت الوزارة الجديدة خطة مميانتي بشأن الحرب إلا أنها لم تستطع أن تحمي بولونيه من عدوان النمسويين وعدوان عصابة المجرمين بعد انسحابهم منها، ثم قطع البابا آخر علاقته بالحكم الدستوري وأجل المجلس النيابي ودعا بيمونته ونابولي وفرنسة إلى حمايته من النمسة ومن رعاياه، ولما لم يثق بفايري اضطره للاستقالة وعين بدله سفير فرنسة السابق في روما «بليجرينو روسي».
وكان روسي محاميا وأستاذا في جامعة بولونيه، اشترك في حركة موراث، ونفي إلى سويسرة، ثم أصبح بعد ذلك أستاذا في كلية فرنسة في باريس، وكانت دروسه جلبت انتباه «جيزو» رئيس وزراء فرنسة، فأرسله سفيرا إلى روما سنة 1845 للمفاوضة بشأن إلغاء المؤسسات اليسوعية.
وكان روسي قوميا ومن رجال الإصلاح ويشارك الأحرار في كثير من وجهات نظرهم، وكان يساير الحركة الإيطالية ما دامت ترمي إلى الاستقلال، وكان يشعر بضرورة وجود حكومة جريئة قوية في روما تضرب بشدة عناصر السوء في الدولة، واهتم بالقضية القومية اهتمام مميانتي.
وكان قد نشر مؤلفا في الصيف نصح فيه البابا بخوض غمار الحرب، وحينما تولى منصب الرئاسة وعد بتجديد السعي في قضية الحلف واقترح تقوية الجيش، بيد أنه كان يشارك البابا في شكوكه المتأصلة ضد بيمونته، وأدى اندفاعه في مدح البابا إلى تحفظ تورينو ففشلت مفاوضاته مع بيمونته بشأن الحلف.
وكانت سياسته الداخلية ترمي إلى الإصلاح المعقول في الأمور الاقتصادية والإدارية، وقد أظهر عزما قويا في إصلاح الإدارة المتفسخة وفي الخطوط البرقية، وسعى لإنجاز مشاريع السكك الحديدية، وكان يحتقر المحاورات الصاخبة والمناقشات على ألسنة السياسيين في أروقة المجلس النيابي.
وقد هدد روما بالاحتلال العسكري وآلمت تصرفاته غريبالدي، وقد أسلم اللاجئين السياسييين إلى فرديناند ملك نابولي، وكثر خصومه حتى اعتبره الإلبريتون من أعداء الشعب، ونقم منه الموظفون الذين ساقهم إلى الشغل، والإكليروس الذي زاد ضريبته، والأشقياء الذين أخمد حركتهم واضطرهم إلى الإخلاد إلى السكينة، وهكذا أخذت تصرفات الاحتجاج تزداد ضده يوما فيوما مما أدى إلى انهياره.
الفصل الخامس عشر
الدموقراطيون في الحكم
تشرين الثاني 1848-شباط 1849
Unknown page