سأله ميرفي: «هل أطلق صيحة، يا سيدي؟». «لا لا، يستحيل أن نضل الطريق إليه. واصلوا السير كما أنتم.»
كانوا أقرب إلى المعسكر مما كانوا يظنون. وبينما كانوا يتخبطون وسط الشجيرات السفلية والأغصان الجافة التي كانت تصدر طقطقة من وقع أقدامهم عليها، تردد صدى فرقعة بندقية حادة عبر الغابة، ومرت رصاصة محدثة صفيرا من فوق رءوسهم.
صاح عضو مجلس المدينة الذي عرف هوية مطلق النار، الذي كان يتراجع راكضا آنذاك، قائلا له: «على من تطلق النيران بحق الجحيم يا مايك لينش؟».
فقال الحارس متوقفا عن الفرار: «أوه، أهذا أنت حقا؟» وسار الكابتن نحوه غاضبا بخطى واسعة.
وقال له: «ماذا تقصد بإطلاق النار هكذا؟ ألست على دراية كافية لتسأل عن الإشارة السرية قبل إطلاق النار؟» «بالطبع، لقد نسيت ذلك تماما أيها الكابتن. ولكن كما ترى، لا أستطيع إصابة أي شيء أبدا ؛ لذا فلا فارق كبير.»
أيقظت الطلقة المعسكر، وحل به آنذاك هياج شديد؛ إذ ظن الجميع أن الكنديين يهاجمونهم.
وقعت أعين ييتس ورينمارك على مشهد غريب. فقد دهش كلاهما لرؤية عدد الرجال الذين كانوا تحت إمرة أونيل. ووجدا حشدا متنوعا متنافرا. فكان بعض الرجال يرتدي ثيابا رثة من زي جيش الولايات المتحدة، لكن السواد الأعظم منهم كان يرتدي ملابس مدنية عادية، وإن كانت قلة منهم لديهم جدائل خضراء من الخيوط السميكة تزين ملابسهم. كان نوم هذا الحشد ليلتين في العراء قد جعلهم بمظهر أشعث كأنهم مجموعة كبيرة من المتشردين. ولم يكن ممكنا تمييز الضباط عن الرجال العاديين في البداية، لكن ييتس لاحظ بعد ذلك أن الضباط، الذين كان معظمهم يرتدي ثيابا مدنية ويعتمر قبعات ذات حواف عريضة مرنة، كانوا يتقلدون أحزمة سيوف مثبتة حول أجسادهم بأبازيم، وكان بينهم واحد أو اثنان يحملان سيوفا كان واضحا أنها كانت تستخدم في سلاح الفرسان في جيش الولايات المتحدة.
صاح الكابتن مخاطبا الحشد المهتاج: «كل شيء على ما يرام أيها الفتيان. كل ما في الأمر أن هذا الأحمق لينش أطلق النار صوبنا. لم يتأذ أحد. أين الجنرال؟»
فقال حوالي ستة رجال في صوت واحد: «ها هو قادم.» فيما كان الحشد يفسح له الطريق.
كان الجنرال أونيل يرتدي ثياب مواطن عادي، ولم يكن يتقلد حزام سيف حتى. كان رأسه ذو الشعر الفاتح مكسوا بقبعة سوداء لينة من اللباد. وكان وجهه شاحبا ومكتسيا بالنمش. بدا أشبه بموظف في محل بقالة من قائد جيش. وكان واضحا أن عمره يتراوح بين الخامسة والثلاثين والأربعين.
Unknown page