2- واعلم أنك لا تقدر على معصيته إلا بنعمته التي تفضل بها عليك:
فكم له عليك من نعمة في يدك التي مددتها إلى معصيته!
وكم له من نعمة في عينك التي نظرت بها إلى ما حرم عليك!
وفي لسانك الذي نطقت به بما لا يحل لك!
وليس من شكر إنعامه أن تستعين بها على معاصيه.
كان بعضهم يقول:
اللهم إني أستغفرك من خطيئة قوي عليها بدني بعافيتك، ونالتها يدي بفضل نعمتك، وانبسطت فيها بسعة رزقك، واحتجبت فيها عن الناس بسترك، وجرأني عليها حلمك وأناتك، واتكلت فيها على كريم عفوك، ولو لم يكن من نعمة عليك في معصيتك إلا سترها عليك لكفى.
فلو اطلع الناس عليك لانهتكت.
وقد روينا أن رجلا أتى إبراهيم بن أدهم -رحمه الله تعالى- فقال: يا أبا إسحاق إنني لا أصبر عن المعاصي فقل لي قولا أنتفع به.
قال: نعم أقول لك خمس خصال إن قدرت عليها لم تضرك معصية!
قال: هات.
- قال: فإن أردت أن تعصي الله فلا تأكل رزقه!
قال: يا أبا إسحاق، فمن أين آكل، وكل ما في الأرض من رزقه؟!
Page 52