فارتحلوا على هذه الصفة، حتى وردوا مدينة الملك العظمى، فنودي في المدينة أنه قد قدم قوم كانوا في معادن الجواهر، فتلقاهم أهل المدينة، وتلقاهم الملك وجنوده، فاستنزلوهم، وقيل لهم: اعرضوا بضاعتكم على الملك!
1- فأما أهل الجواهر فعرضت بضائعهم، فحمدهم الملك، وقال:
أنتم خاصتي وأهل مجالستي ومحبتي، ولكم ما شئتم من كرامتي.
وجعلهم ملوكا: لهم ما شاءوا، وإن سألوا أعطوا، وإن شفعوا شفعوا، وإن أرادوا شيئا كان لهم.
وقيل لهم:
خذوا ما شئتم واحتكموا فيما أردتم.
فأخذوا القصور والجواري والدور والجوهر والبساتين والقرى والرساتيق، وركبوا المراكب، وسار بين أيديهم وحولهم الولدان والجنود، وصاروا ملوكا ينزلون في جوار الملك، ويجالسونه، وينظرون إليه، ويزورونه، ويشفعون إليه فيمن شاءوا، وإن سألوه ما سألوه أعطاهم، وما لم يسألوه ابتدأهم.
2- وأما الفرقة الثانية:
فقيل لهم: أين بضائعكم؟
فقالوا: ما لنا بضاعة!
فقيل لهم: ويحكم! أما كنتم في معادن الجواهر؟!
أما كنتم وهؤلاء الذين صاروا ملوكا في موضع واحد؟!
قالوا: بلى، ولكنا آثرنا الدعة والنوم!
وقال بعضهم: اشتغلنا ببناء الدور والمساكن!
وقال آخرون: اشتغلنا بجمع الزلف والشقف!
فقيل لهم: تبا لكم! أما علمتم قلة مقامكم، ونفاسة الجواهر التي عندكم؟!
Page 43