وقوله تعالى: ﴿اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ﴾ [البقرة: ٦١] أي: انزلوا مصرا من الأمصار، فإن الذي سألتم لا يكون إلا فِي القرى والأمصار، وفي الكلام إضمار كأنه قيل: فدعا موسى فاستجبنا له وقلنا لهم: اهبطوا مصرا، ويجوز أن يكون أراد: مصر بعينها، وصرفها لخفتها وقلة حروفها، مثل: جمل، ودعد، وهند.
وقوله تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾ [البقرة: ٦١] أي: ألزموها إلزاما لا تبرح عنهم، وأصله من ضرب الشيء على الشيء، كما يضرب المسمار على الشيء فيلزمه.
يقال: ضرب فلان على عبده ضريبة، وضرب السلطان على التجار ضريبة.
أي: ألزمهم شيئا معلوما يؤدونه إليه.
والذلة: الذل، والمسكنة: مصدر فعل المسكين، يقال: تمسكن الرجل، إذا صار مسكينا.
قال الحسن، وقتادة: وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ ﴿[البقرة: ٦١ هي أنهم يعطون الجزية عن يد وهم صاغرون.
وقال عطاء بن السائب: هي الكستينج وزي اليهودية، والمسكنة: زي الفقر، فترى المثري منهم يتباءس مخافةَ أن يضاعف عليه الجزية، ولا يوجد يهودي غني النفس.
وقوله تعالى:] وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ٦١]: أي: رجعوا، فِي قول الفراء، وقال الكسائي: انصرفوا به.
ولا يكون باءوا إلا بشيء، إما بخير وإما بشر، يقال: باء يبوء بوءا وبواءا.
ولا يكون باء بمعنى مطلق الانصراف.