248

الطريقة هو الذي يقدم الجواب الصحيح الشافي. فهو يعبر قبل كل شيء عن السؤال المطروح ثم عن حكم المجلس العلوي. ولا يحدث خطأ مطلقا في هاتين النقطتين. وفي الحقيقة تبدو هذه العملية التأويلية شيئا عجيبا. أما بالنسبة لي شخصيا فإني لم أرشيئا يعد غير طبيعي وتراءى لي على أنه خارق وإلهي كمثل هذه الزيرجة.

ولقد شهدت صنع زيرجة في باحة مدرسة أبي عنان في فاس. وهذه الباحة مبلطة بالرخام الأبيض الثمين المصقول. وطول كل طرف منها خمسون ذراعا (178). وقد استخدم ثلثا هذه الباحة من أجل ما اقتضى الأمر كتابته على رسم الزيرجة. وعمل ثلاثة أنفار في تخطيطها، وعمل كل واحد منهم في قسم، ولزم الأمر يوما كاملا لإنجازه.

ورأيت صنع زيرجة أخرى في تونس على يد أستاذ قدير قام والده بشرح قواعد هذه العملية في ثلاث مجلدات. والرجال الذين يعرفون هذه القواعد نادرون للغاية. ولم أر منهم في كل حياتي سوى ثلاثة، اثنان في فاس وواحد في تونس. وقرأت شرحين عن هذا الموضوع، أحدهما من تأليف المرجاني، وهو أبو المعلم الذي رأيته في تونس، والآخر من تأليف ابن خلدون المؤرخ (179)(*).

وإذا كان لأحد رغبة في معرفة هذه القاعدة وشرحها، فهذا سيكلفه مقدار خمسين دينارا، لأنه إذا ذهب إلى تونس، وهي قريبة من إيطاليا، فإنه واجد هذا الكتاب. وقد عزفت عن تعلم قاعدة الزيرجة هذه كسلا مني. إذ كان ذلك متيسرا لي، فقد كان لدي متسع من الوقت، كما كان المعلم سعيدا بتعليمي إياها بدون مقابل. ولكن رفضت على الخصوص لأن هذه القاعدة، وكل علم يتعلق بالرجم بالغيب، يعتبر في أعين رجال الشرع المسلمين عملا غير شريف ويكاد يعتبر مروقا. وبالفعل تبدو كل علوم الشرائع مفعمة بنصوص تقول بأن محاولة الاطلاع على الغيب هو عبث، إذ لا يعلم أحد شيئا عن أمور المستقبل إلا الله وحده. ولهذا يرمي أولو الأمر المسلمون غالبا الذين يتعاطون أمثال هذه الممارسات في السجون أو لا يكفون عن اضطهادهم.

Page 268