Wasf Firdaws
وصف الفردوس لعبد الملك بن حبيب
Genres
قال عبد الملك: وإنما تخمد الأرواح كلها أرواح السعداء وأرواح الأشقياء في البرزخ بين النفختين نفخة الصعق، ونفخة البعث/ يقول الله عز وجل: {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في والأرض إلا من شاء الله} وقوله تعالى: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم خامدون} خمدوا عند الصعق، فدخلت الأرواح كلها في ذلك، وذلك لأنها أحياء عند ربها غير أموات إلا من استثنى بقوله: {فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله} يعني الشهداء فإنهم لا يصعقون، ولا يخمدون، ولا يفزعون لتلك الصيحة التي صعق، وخمد من شر بها من في السموات، ومن في الأرض تفضيلا من الله لهم، ومن أجل خمود الأرواح ما بين النفختين، قال الأشقياء منهم عند نفخة البعث، وهي النفخة الثانية التي يبعثون إلى الله فيها {ونفخ في الصور فإذا هم من الأجداث إلى ربهم ينسلون. قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} للراحة التي كانوا فيها فيما بين النفختين من العذاب الذي كانوا فيه قبل النفخة الأولى بما صعقوا بما صاروا إليه بعد النفخة الثانية التي بها حيوا، فلما واجههم العذاب قالوا: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} وإنما يدعو بالويل أهل النار فأجابهم السعداء {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون} يقولوا: هذا البعث/ الذي وعدنا الرحمن في الدنيا أن يصيروا إليه يوم القيامة وصدق المرسلون الذين جاؤوا بذلك من الله، لأن الأشقياء الذين دعوا بالويل لم يكونوا مصدقين به في الدنيا، فمنهم من كذبه بالقول، ومنهم من كذبه بتضييع العمل، وإيثار العاجلة عليه، قال الله عز وجل: {إن كانت إلا صيحة واحدة فإذا هم جميع لدينا محضرون} فافهم تمييز اللفظ من هذه الآية من الفريقين جميعا على المعنى الذي فسرت لك، فإنه لم يختلف فيه أهل السنة، وأهل الإيمان بالله، وأهل العلم به، وبالمعاد بعد الموت.
256- وقد حدثني أسد بن موسى، عن الفضيل بن عياض، عن ليث بن أبي سليم، عن مجاهد قال: للكافر هجعة قبل يوم القيامة، وذلك في البرزخ ما بين النفختين إذا صيح بأهل القبور قالوا: {يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا} قال المؤمنون لهم: {هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون}.
قال عبد الملك: والبرزخ الذي بين النفختين أربعون عاما قال الله عز وجل: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} وقد فسرنا ذلك في كتاب القيامة.
ما جاء في خروج.. ..
257- / قال: حدثنا عبد الملك بن حبيب في قول الله تعالى: {قل يتوفاكم ملك الموت الذي وكل بكم} قال: يسلط على قبض الأنفس كما يسلط الرجل على قبض ما في راحته فإذا قبض نفسا مؤمنة دفعها إلى ملائكة الرحمة، وإذا قبض نفسا كافرة دفعها إلى ملائكة العذاب فذلك قوله في كتابه العزيز: {حتى إذا جاء أحدكم الموت توفته رسلنا وهم لا يفرطون} يعني يتوفاهم ملك الموت، ثم يصعدون بها إلى الله عز وجل قوله: {ثم ردوا إلى الله مولاهم الحق ألا له الحكم وهو أسرع الحاسبين} ومثل ذلك قوله تعالى: {ولو ترى إذ يتوفى الذين كفروا الملائكة} يعني ملك الموت.
Page 90