272

============================================================

سيدها، ونفاذ قدرته فيها، وصنعه في اتقانها، شغلها ذلك عن النظر إلى3 الآلام، ولم يجدوا تعبها، لعظيم قدر ما غلب على عقولهم من التعظيم لله والهيبة والإجلال له.

قلت : هذا الصبر، فما التصبر؟

قال: هو حمل النفس على المكاره، وتجرع المرارات، وتحمل المؤن والمكابدات، يريد ذلك تمحيص الجنايات رجاء الثواب، ومطلب الصابر ذي غايات الطاعات والمتصبر يجد كثيرا من الآلام، والصابر قد سقط عنه شديد المكابدات، فمذهبه في العمل على الطيب والسماحة(4).

قلت : هل بين الصبر والتصبر حالة ؟

قال : نعم، بينهما حالة تسمى التنعم قلت : وما معنى التنعم في مثل هذا الموضع ؟

قال: لما تصبر العبد، وعلم الله عز وجل منه طول اجتهاده، رفع الله علما من الآخرة يدله على منازل الصابرين، ووجد الحلاوة الدائمة، وعرف قدر الطاعة، وعلم آنها نعمة من الله عز وجل، ولطف وبر، فامتزجت المعرفة بملاحظة المنعم، فتتعم القلب سرورا بالمنعم. فهذه حالة تحمله على السدخول في حالة الصبر من منزلة التصير.

قلت : الصابرون في حالة واحدة، أو متفاوتون ؟

قال: متفاوتون، بعضهم أفضل من بعض قلت : من اين تفاوتهم ؟

(8) المتصبر يحد كثيرا من الآلام لأنه يجاهد ما تحمده نفسه من ألم النازلة، او فقدان المحبوب، فهر يخاول الصبر وليس صابرا على الحقيقة أما الصبر الجميل ففيه علم بحكمة النوازل أو الفقدان وفيه إحساس بالبديل من لطف الله، وجمال الانتصار على النفس، ولذة موالاة الله لمن أحب .

Page 272