(*) عسكر هؤلاء فيستخرجون قتلاهم فيدفنونهم، فلما أصبحوا - وذلك يوم الثلاثاء - خرج الناس إلى مصافهم فقال أبو نوح: فكنت في الخيل يوم صفين في خيل على عليه السلام وهو واقف بين جماعة من همدان وحمير وغيرهم من أفناء قحطان (1)، وإذا أنا برجل من أهل الشام يقول: من دل على الحميري أبى نوح ؟ فقلنا: هذا الحميرى فأيهم تريد ؟ قال: أريد الكلاعى أبا نوح.
قال: قلت: قد وجدته فمن أنت ؟ قال: أنا ذو الكلاع، سر إلى.
فقلت له: معاذ الله أن أسير إليك إلا في كتيبة.
قال ذو الكلاع: [ بلى ] فسر، فلك ذمة الله وذمة رسوله وذمة ذى الكلاع حتى ترجع إلى خيلك، فإنما أريد أن أسألك عن أمر فيكم تمارينا فيه.
فسر دون خيلك حتى أسير إليك.
فسار أبو نوح وسار ذو الكلاع حتى التقيا، فقال ذو الكلاع: إنما دعوتك
أحدثك حديثا حدثناه عمرو بن العاص [ قديما ] في إمارة عمر بن الخطاب.
قال أبو نوح: وما هو ؟ قال ذو الكلاع: حدثنا عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه قال: " يلتقى أهل الشام وأهل العراق وفي إحدى الكتيبتين الحق وإمام الهدى ومعه عمار بن ياسر ".
قال أبو نوح: لعمر الله إنه لفينا.
قال: أجاد هو في قتالنا ؟ قال أبو نوح: نعم ورب الكعبة، لهو أشد على قتالكم منى، ولوددت أنكم خلق واحد فذبحته وبدأت بك قبلهم وأنت ابن عمى.
قال ذو الكلاع: ويلك، علام تتمنى ذلك منا ؟ ! والله ما قطعتك فيما بينى وبينك، وإن رحمك لقريبة، وما يسرنى أن أقتلك.
قال أبو نوح: إن الله قطع بالإسلام أرحاما قريبة، ووصل به أرحاما متباعدة، وإنى لقاتلك (2) أنت وأصحابك، ونحن على الحق وأنتم على الباطل مقيمون مع أئمة الكفر ورؤوس الأحزاب.
فقال له ذو الكلاع: [ فهل تستطيع أن تأتى معى في صف أهل
__________
(1) الأفناء: الأخلاط النزاع من ها هنا وها هنا.
(2) في الأصل: " وإنى منا " صوابه في ح.
Page 333