ولقد سبق أن مرت بنا لوحات من تصويره للأتراك المسلمين في مصر بنرجيلاتهم ومشعوذيهم، ولرجال الدين بعثانينهم التي تشبه حدائد الفئوس! وكلها تنم عن رؤية شعرية أصيلة واضحة، وقدرة على ابتكار التعبير القوي الدال في غير كسل ولا رجوع إلى التعابير والصور التقليدية المتآكلة.
وفي الحق إننا لا نكاد نتصور كيف كان يستطيع مثل هذا الشاعر المنفعل الملتزم أن يجري في شعره السياسي المعاصر، وفي نفثات منفاه وفي آرائه الاجتماعية الحديثة على تقاليد الشعر العربي القديم، أو أن يستعير منه القوالب والأخيلة، وهو يسبح في عالم جديد مغاير تمام المغايرة لعالم الشعر العربي القديم، وإنما يمكننا أن نتصور ذلك عندما يكون موضوع الشعر من الموضوعات التقليدية عند العرب مثل الغزل، فهنا نعثر في ديوان يكن على بعض مقطوعات قالها في صباه على النهج التقليدي، حتى لنراه يقف على الديار، حيث يقول (ص101) تحت عنوان «ومن قوله في صباه»:
وقفت بالدار أبكي رسمها العافي
ما كل ذي شجن مثلي بوقاف
إلى أن يقول:
أهوى رضاه وأهوى أن يعذبني
سيان في حبه ظلمي وإنصافي
بل ونراه في معرض الغزل يعارض الحصري القيرواني، فيقول:
الحسن مكانك معبده
واللحظ فؤادي مغمده ... إلخ.
Unknown page